و أما الثاني فهو كالأَول من حيث الحرمة التكليفية ، و لكن لا وجه للضمان لما نقص من القيمة ، فان غاية الامر أن المعاملة كانت مشروطة بالشرط الفاسد ، و قد عرفت إجمالا ، و ستعرف تفصيلا : أن الشروط مطلقا لا تقابل بجزء من الثمن ، و أن الفاسد منها لا يوجب فساد المعاملة ، و إنما يثبت الخيار فقط للمشروط له .و أما الثالث فالظاهر أنه لا ضمان فيه أيضا ، لان الدافع لم يقصد المقابلة بين الحكم و المال المبذول للقاضي ، و إنما أعطاه مجانا ليحكم له ، فيكون مرجعه إلى هبة مجانية فاسدة ، لان الداعي ليس قابلا للعوضية ، و لا مؤثرا في الحكم الشرعي وضعا ، و لا تكليفا .و عليه فيكون المورد من صغريات الضابطة الكلية ( كل عقد لا يضمن بصحيحة لا يضنم بفاسده ) .و قد يقال : بالضمان لقاعدة الضمان باليد .و فيه أن عموم على اليد مختص بغير اليد المتفرعة على التسليط المجاني ، و لذا لا يضمن بالهبة الفاسدة في هذا المقام .قوله : ( و في كلام بعض المعاصرين ان احتمال عدم الضمان في الرشوة مطلقا بعيد ) أقول : علله القائل في محكي كلامه بوجهين : الاول أن المالك قد سلطه عليها تسليطا مجانيا فلا موجب للضمان .و الثاني : أنها تشبه المعاوضة ، و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده أما الاول فيرد عليه أن التسليط في المقام ليس بمجاني ، بل هو في مقابل الحكم للباذل كما عرفت .و أما الثاني فيرد عليه أن عملهم هذا إما إجارة فاسدة أو شبيهة بها ، و على أي حال يكون موجبا للضمان ، لقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده .اختلاف الدافع و القابض قوله : ( فروع في اختلاف الدافع و القابض ) .أقول : ذكر المصنف هنا فروعا ثلاثة و تعرض لحكمها .و تحقيق الكلام في مسألة المترافعين في الدفع و القبض ، و بيان الضابطة الكلية فيها أن الفروض المتصورة فيها اربع كلها تنطبق على المقام الصورة الرابعة .و لعل المصنف لذلك أهملها .الصورة الاولى ان يتوافق المترافعان على فساد الاخذ و الاعطاء و لكن الدافع يدعى كون المدفوع رشوة على سبيل الاجارة و الجعالة ، فتكون موجبة للضمان ، لان الاجارة الصحيحة توجب الضمان ، فكذلك الاجارة الفاسدة ، و القابض يدعي أنه على سبيل الهدية إلا أنها فاسدة ، فلا تكون موجبة للضمان ، لان الهبة الصحيحة لا ضمان فيها ، فكذا الهبة الفاسدة