ان يكون العمل ممكن الحصول للمستأجر ، و في الواجب العيني ليس كذلك .و لكنك قد عرفت مرارا : انه لا دليل على بطلان المعاملة السفهية ، فتكون العمومات محكمة ، على انه لا شبهة في إمكان الانتفاع بالواجب المستأجر عليه ، و إذن فتخرج المعاملة عن السفهية ، و قد تقدم بيان ذلك في المقدمة التي مهدناها للبحث عن اخذ الاجرة على الواجب السابع : ما احتمله بعض مشائخنا المحققين ، و نسبه إلى أستاذه في مبحث القضاء ، و هو أن بذل العوض بازاء ما تعين فعله على الاجير لغو محض ، فلا يكون مشمولا للعمومات الثامن : ما نسبه إلى بعض الاعلام من ان الايجاب ينبعث عن مصلحة تعود إلى المكلف واخذ الاجرة على ما يعود نفعه اليه أكل للمال بالباطل .و قد ظهر جواب هذين الوجهين من الاجوبة المتقدمة .و قد تجلى مما حققناه ان الاشكالات المذكورة لا ترجع إلى معنى محصل تركن اليه النفس .و العجب من هؤلاء الاعلام ، فانهم ناقشوا في جواز اخذ الاجرة على الواجب ، و أضافوا اليه شبهة بعد شبهة و نقدا بعد نقد حتى تكونت منها أمواج متراكمة .يندهش منها الناقد البصير في نظرته الاولى ! ( فأما الزبد فيذهب جفاء و اما ما ينفع الناس فيمكث في الارض ) .و قد ظهر من جميع ما ذكرناه سقوط جميع الاقوال المتقدمة ما بنينا عليه من القول بالجواز على وجه الاطلاق .و الله العالم .قوله : ( ثم إن صلح ذلك الفعل المقابل بالاجرة لامتثال الايجاب المذكور أو إسقاطه به أو عنده سقط الوجوب مع استحقاق الاجرة ، و إن لم يصلح استحق الاجرة و بقى الواجب في ذمته لو بقي وقته ، و إلا عوقب على تركه ) .أقول : لا يخفى ما في هذه العبارة من القلق و الاضطراب ، و حاصل مرامه : ان الاتيان بالواجب المستأجر عليه قد يترتب عليه إمتثال امر المولى و استحقاق الاجرة كلاهما ، كما إذا استأجر احدا لتطهير المسجد فطهره بقصد إمتثال امر المولى ، فانه ح يستحق الاجرة ، و يعد ممتثلا ، و كذلك الحال في الواجبات التعبدية على مسلكنا ، إذ قد عرفت ان اخذ الاجرة عليها لا ينافى جهة عبادتها و قد يكون الاتيان بالواجب المستأجر عليه موجبا لاستحقاق الاجرة و سقوط الوجوب بغير إمتثال ، كتطهير المسجد و إنقاذ الغريق و الجهاد و غيرها من الواجبات التوصلية فان الاجير حين ما يأتي بها بغير داعي الامر يستحق الاجرة ، و لا يكون عمله هذا إمتثالا للواجب على الفرض ، نعم يسقط عنه الواجب ، لفرض كونه توصليا ، كما انه يسقط عن بقية المكلفين إذا كان الواجب كفائيا .و قد يكون الاتيان بذلك العمل موجبا لاستحقاق الاجرة و سقوط الوجوب لا من