يقول : إن فلانا عالم زاهد مجتهد ، يصلي النوافل ، و يعطي الفقراء ، و يهتم بأمور المسلمين و حوائجهم ، و نحو ذلك من المدائح ، و لا نظن ان يعد اجد هذه الصورة من الغيبة .نعم في لسان العرب و تاج العروس عن ابن الاعرابي ( غاب إذا ذكر إنسانا بخير أو شر ) إلا انه أجنبي عن المقام ، فانه الاغتياب .و الوجه في خروج هذه الصورة عن مفهوم الغيبة ان هذه المذكورات ليست من السوء ، سواء كره ذكرها المقول فيه أملا .الصورة الثانية : ان يذكر إنسانا بشيء من صفاته العادية المتعارفة التي لا توصف بالمدح أو الذم .و لا ريب في عدم اندراج هذه الصورة ايضا تحت الغيبة ، فان الامور العادية ليست مما سترها الله على المقول فيه ، و ذكرها لا يوجب نقصه و افتضاحه سواء أ كان كارها لها أم لا .الصورة الثالثة : ان يذكر إنسانا بالاوصاف الذميمة و الافعال القبيحة الموجودة فيه التي قد سترها الله عليه ، و موضوع الغيبة هو هذه الصورة .و ما ذكرناه من الصورة المذكورة يشمل ما لو نفى عن المقول فيه بعض الاوصاف .تنبيهات موضوع الغيبة و لا بد من التنبيه على امور : الاول : انه لا يفرق في صدق الغيبة بين ان يكون المقول نقصا في دين المقول فيه ، أو بدنه ، او نسبه ، او اخلاقه ، أو فعله ، أو قوله ، أو عشيرته .أو ثوبه ، أو داره ، أو دابته ، أو خادمه ، او تعيشه ، أو في اي شأن من شؤونه .إلا ان الظاهر من رواية داود بن سرحان المتقدمة في الحاشية ان الغيبة ذكر الانسان بما يكون نقصا في دينه فقط .و فيه أولا : ان الرواية ضعيفة السند ، و قد عرفت .و ثانيا : أن رواية ابن سيابه المتقدمة في البحث عن معنى الغيبة صرحت بأن الغيبة قولك في اخيك ما ستره الله عليه ، و هذا الاطلاق يشمل ما إذا كان المقول نقصا دينيا و غير ديني ، و توهم حمل المطلق على المقيد هنا فاسد ، لعدم التنافي بينهما ، على ان رواية ابن سيابة فصلت بين ذكر الامور المستورة و الامور الظاهرة ، و صرحت بخروج الثانية عن حدود الغيبة ، و من الواضح ان مقتضى التفصيل القاطع للشركة هو عموم مفهوم الغيبة بذكر مطلق العيوب الامور الظاهرة .و لكنك عرفت : ان هذه الرواية ايضا ضعيفة السند .