تحقيق موضوع الغناء
و يضاف إلى ذلك كله ان ما ذهب اليه المحدث المذكور مخالف للاجماع بل الضرورة من مذهب الشيعة و قد عرفت ذلك في أول المسألة .ثم إن هذا القول نسب إلى صاحب الكفاية ، و لكنه بعيد ، فان المتأخرين عنه نسبوا اليه استثناء الغناء في القرآن ، و من الواضح ان ذلك فرع الالتزام بحرمة الغناء .و قد يستدل على ما ذهب اليه القاساني برواية قرب الاسناد ( 1 ) : ( عن علي بن جعفر عن اخيه قال : سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر و الاضحى و الفرح ؟ قال : لا بأس به ما لم يعص به ) و هي و إن كانت مجهولة لعبدالله بن الحسن ، و لكن رواها علي بن جعفر في كتابه ، إلا أنه قال : ما لم يزمر به ، و عليه فهي صحيحة .فتتدل على جواز الغناء في نفسه و حرمته إذا اقترن بالمعاصي الخارجية .و فيه ان الظاهر من قوله " ع " : ما لم يزمر به ، ان الصوت بنفسه صوت مزماري ، و لحن رقصي ، كألحان أهل الفسوق ، و يعبر عنها في الفارسية بكلمة ( بسته و سر ود ود و بيت و آوازه خواندن ) لا أنه صوت يكون في المزمار ، و إلا لقال ما لم يكن في المزمار أو بالنفخ في المزمار ، و عليه فتدل الرواية على تحقق الغناء بالصوت المزماري ، و اللحن الرقصي لا مطلقا ، و سيأتي ، و على هذا يحمل قوله " ع " : ما لم يعص به ، و في رواية قرب الاسناد على تقدير صدورها من المعصوم .و اما إطلاق الغناء على هذا القسم في هاتين الروايتين في قول السائل : ( سألته عن الغناء ) ، و تقرير الامام " ع " صحة الاطلاق بالجواب عن حكمه بقوله : ( لا بأس به ) ، فهو كإطلاق نوع أهل اللغة لفظ الغناء على المعنى الاعم .تحقيق موضوع الغناء قوله : ( و إن اختلف فيه عبارات الفقهاء و اللغويين ) .أقول : عرفوا الغناء بتعاريف مختلفة ( 2 ) إلا انها ليست تعاريف حقيقية ، لعدم الاطراد و الانعكاس ، بل هي بين إفراط1 - راجع ج 2 ئل باب 43 تحريم كسب المغنية مما يكتسب به ص 541 .2 - في لسان العرب مادة غنا : كل من رفع صوته و ولاه فصوته عند العرب غناء " و قال بعد ثلاث صفحات " : الغناء من الصوت ما طرب به .و في مجمع البحرين : الغناء ككساء الصوت المشتمل على الترجيع المطرب ، أو ما يسمى في العرف غناء و إن لم يطرب ، سواء كان في شعر أو قرآن أو غيرهما .