الاستدلال على حرمتها والجواب عنه
فالحكم هو جواز الاعانة عليه إلا ما خرج بالدليل ، كإعانة الظاالمين و إعانة أعوانهم و تهيئة مقدمات ظلمهم ، لاستفاضة الروايات على حرمة إعانتهم و تقويتهم و تعظيم شوكتهم و لو بمدة قلم أو بكتابة رقعة أو بجباية خراج و نحوها ، و ستأتي هذه الروايات في البحث عن معونة الظالمين ، بل الحرمة في هذا النحو من الاعانة مما استقل به العقل ، و قامت عليه ضرورة العقلاء ، بل قال في العروة في مسألة 29 من صلاة المسافر : إنه لو كانت تبعية التابع إعانة للجائر في جوره وجب عليه التمام و إن كان سفر الجائر طاعة فان التابع حينئذ يتم مع أن المتبوع يقصر .قوله : ( بعموم النهي عن التعاون على الاثم و العدوان ) .أقول : استدلوا على حرمة الاعانة على الاثم بوجوه ، الوجه الاول : قوله تعالى ( 1 ) : ( و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الاثم و العدوان ) .فان ظاهرها حرمة المعاونة على الاثم و العدوان مطلقا .و فيه أن التعاون عبارة عن اجتماع عدة من الاشخاص لايجاد أمر من الخير أو الشر ليكون صادرا من جميعهم ، كنهب الاموال و قتل النفوس و بناء المساجد و القناطر .و هذا بخلاف الاعانة فانها من الافعال ، و هي عبارة عن تهيئة مقدمات فعل الغير مع استقلال ذلك الغير في فعله ، و عليه فالنهي عن المعاونة على الاثم لا يستلزم النهي عن الاعانة على الاثم فلو عصى أحد فأعانه الآخر فانه لا يصدق عليه التعاون بوجه ، فان باب التفاعل يقتضي صدور المادة من كلا الضخصين ، و من الظاهر عدم تحقق ذلك في محل الكلام .نعم قد عرفت فيما سبق حرمة التسبيب إلى الحرام و جعل الداعي اليه ، لكن حرمة ذلك لا تستلزم الحرمة في المقام .الوجه الثاني : ادعاء الاجماع على ذلك .و فيه أنها دعوى جزافية ، لاحتمال كون مدرك المجمعين هي الوجوه المذكورة في المسألة ، فلا يكون إجماعا تعبديا .مضافا إلى عدم حجية الاجماع المنقول في نفسه .الوجه الثالث : أن ترك الاعانة على الاثم دفع للمنكر ، و دفع المنكر واجب كرفعه ، و اليه أشار المحقق الاردبيلي في محكي كلامه ، حيث استدل على حرمة بيع العنب في المسألةيتعذر على المشتري اتخاذ الخمر فكان في البيع منه تهيج الفتنة و في الامتناع تسكينها .و في ج 2 فقه المذاهب ص 52 عن الحنابلة كلما أفضي إلى محرم فهو حرام .و في ج 8 الهداية ص 127 و يكره بيع السلاح في أيام الفتنة لانه تسبيب إلى المعصية 1 - سورة المائدة ، آية : 3 .