أقسام السحر
و أما الشعوذة فسيأتي انها عبارة عن الخفة في اليد و السرعة في الحركة المعبر عنها في لغة الفارس بكلمة ( تردستي و تند كاري ) فان المشعوذ الحاذق يفعل الامور العادية ، و الافعال المتعارفة بتمام السرعة ، بحيث يشغل اذهان الناظرين بأشياء ، و يأخذ حواسهم إليها ، ثم يعمل شيئا آخر بسرعة شديدة و بحركة خفيفة فيظهر لهم ما انتظروه ، و يتعجبون منه و لكن الصادر منه أمر واقعي ، كأخذ الاشياء من موضع و وضعها في موضع آخر بالسرعة التامة حتى يتخيل الناظر إليها انها انتقلت بنفسها ، فالنقل و الانتقال امر حقيقي ، و لكن الناظر لا يلتفت إلى الناقل ، و هذا بخلاف السحر ، فانه أمر خيالي محض كما عرفت التنبيه عليه و من هنا اتضح الفرق بين الشعوذة و المعجزة ايضا .و اما ما ذكره الاصحاب من بيان حقيقه السحر و أسبابه و أقسامه فكلها تقريبية ، فان انطبق على ما ذكرناه فهو ، و إلا فيرد إلى قائله ، و هو أعرف بمقاله .أقسام السحر و لا بأس بالتعرض لما ذكره الاصحاب من أقسام السحر ليعلم هل انها مشمولة لما دل على حرمة السحر أم لا ؟ و قد تكلم عليها العلامة المجلسي في البحار ( 1 ) و أطال الكلام فيها موضوعا و حكما ، نقضا و إبراما .و حاصل كلامه في تحقيق أقسام السحر : انه على أنواع شتى ، النوع الاول : سخر الكذابين ( أو الكلدانيين ) الذين كانوا من قديم الدهر ، و هم قوم يعبدون الكواكب ، و يزعمون كونها مدبرة للعالم السفلى ، و مبادي لصدور الخيرات و الشرور ، و قد بعث الله إبراهيم " ع " مبطلا لمقالتهم و هدم أساس مذهبهم ، و هم على فرق ثلاث : فان منهم من يزعم ان الكواكب هي الواجبة الخالقة للعالم ، و منهم من يزعم انها قديمة لقدم العلة المؤثرة فيها ، و منهم من يزعم انها حادثة مخلوقة ، و لكنها فعالة مختارة فوض خالقها أمر العالم إليها .و الساحر من هذه الفرق الثلاثة من يعرف القوي العالية الفعالة : بسائطها و مركباتها ، و يعرف ما يليق بالعالم السفلى و حوادثه ، و يعرف معدات هذه الحوادث ليعدها ، و عوائقها ليرفعها بحسب الطاقة البشرية ، فيكون متمكنا من استحداث ما يخرق العادة .انتهى ملخص كلام المجلسي في النوع الاول .أقول : قد عرفت ان السحر هو صرف الشيء عن وجهه على سبيل الخديعة و التمويه1 - راجع ج 14 ص 251 .