بيان الفارق بين رفع المنكر ودفعه
بأدلة النهي عن المنكر ، و استشهد له المصنف برواية أبي حمزة ( 1 ) عن أبي عبد الله " ع " من أنه لو لا أن بني أمية وجدوا لهم من يكتب و يجبي لهم الفئ و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبوا حقنا ) .و فيه أولا : أن الاستدلال بدفع المنكر هنا إنما يتجه إذا علم المعين بانحصار دفع الاثم بتركه الاعانة عليه ، و أما مع الجهل بالحال ، أو العلم بوقوع الاثم بإعانة الغير عليه فلا يتحقق مفهوم الدفع .و ثانيا : أن دفع المنكر إنما يجب إذا كان المنكر مما اهتم الشارع بعدم وقوعه ، كقتل النفوس المحترمة ، و هتك الاعراض المحترمة ، و نهب الاموال المحترمة ، و هدم أساس الدين و كسر شوكة المسلمين ، و ترويج بدع المضلين و نحو ذلك ، فان دفع المنكر في هذه الامثلة و نحوها واجب بضرورة العقل و اتفاق المسلمين ، و قد ورد الاهتمام به في بعض الاحاديث ( 2 ) و أما في ما يهتم الشارع بعدمه من الامور فلا دليل على وجوب دفع المنكر ، و على كلا الوجهين فالدليل أخص من المدعى .و أما النهي عن المنكر فانه و إن كان سبيل الانبياء و منهاج الصلحاء و فريضة عظيمة بها تقام الفرائض و تحل المكاسب و ترد المظالم ، إلا أنه لا يدل على وجوب دفع المنكر ، فان معنى دفع المنكر هو تعجيز فاعله عن الاتيان به و إيجاده في الخارج سواء ارتدع عنه باختياره أم لم يرتد ، و النهي عن المنكر ليس إلا ردع الفاعل و زجره عنه على مراتبه المقررة في الشريعة المقدسة .و على الاجمال : إنه لا وجه لقياس دفع المنكر على رفعه .و أما رواية أبي حمزة فمضافا إلى ضعف السند فيها أنها أجنبية عن رفع المنكر فضلا عن دفعه ، لاختصاصها بحرمة إعانة الظلمة .قال المحقق الايرواني : ( الرفع هنا ليس إلا الدفع فمن شرع بشرب الخمر فبالنسبة إلى جرعه شرب لا معنى للنهي عنه و بالنسبة إلى ما لم يشرب كان النهي دفعا عنه ) .1 - هذه الرواية ضعيفة لابراهيم بن إسحاق الاحمري .راجع ج 2 ئل باب 76 وجوب رد المظالم إلى أهلها مما يكتسب به .2 - في ج 2 التهذيب ص 451 .وج 3 ئل باب 17 حكم من أمسك رجلا فقتله آخر من أبواب القصاص .عن السكوني عن ابي عبد الله " ع " إن ثلاثة نفر رفعوا إلى أمير المؤمنين " ع " واحد منهم أمسك رجلا و أقبل الآخر فقتله و الآخر يراهم فقضى في الرؤية " و في بعض النسخ الربيئة " أن تسمل عيناه و في الذي أمسك أن يسجن حتى يموت كما أمسكه و قضى في الذي قتل أن يقتل .ضعيفة للنوفلي .