من أكره على قتل المؤمن وحرمته
حرمة قتل المؤمن بالاكراه أو بالتقية .قوله : ( الخامس : لا يباح بالاكراه قتل المؤمن و لو توعد على تركه بالقتل إجماعا ) .أقول : هل يشرع بالتقية أو بالاكراه قتل النفوس المحترمة أو لا ؟ اما التقية فهي في اللغة اسم لا تقى يتقى بمعنى الخوف و التحذير و التجنب ، و المراد بها هنا التحفظ عن ضرر الظالم بموافقته في فعل أو قول مخالف للحق .و الظاهر أنه لا خلاف في جوازها لحفظ الجهات المهمة الشرعية ، بل قد عرفت في مبحث الكذب عند البحث عن أقوال الائمة الصادرة تقية إجماع الفريقين و ضرورة العقلاء و تظافر الآيات و الروايات على جواز الكذب لانجاء النفس المحترمة .على انه ورد في بعض الاحاديث ( 1 ) : ( إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية ) .فان الظاهر من ذلك انه إذا توقف حفظ النفس على ارتكاب أي محرم فانه يصبح مباحا مقدمة لصيانة النفس المحترمة عن التلف ، إلا ان التقية إذا اقتضت إراقة دم محترم لحفظ دم آخر فانها لا تشرع ح ، لما عرفت آنفا ان كلا من الشخصين مشمول للحديث ، فترجيح أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجح .بل قد عرفت سابقا ان الغرض الاقصى من جعل التقية في الشريعة المقدسة إنما هو حفظ أموال المؤمنين و اعراضهم و نفوسهم و ما اشبه ذلك من شؤونهم ، فإذا توقف حفظ شيء منها على إتلاف عديله من شخص آخر ارتفعت التقية ح لارتفاع الغاية منها .و مثاله ما إذا اقتضت التقية إتلاف مال شخص لحفظ مال شخص آخر فانه لا يجوز إتلافه تقية .و الوجه فيه ان شمول اخبار التقية لهما على حد سواء ، و إذن فترجيح أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجح كما عرفت ، فيرجع في ذلك إلى الادلة الدالة على حرمة التصرف في مال الغير بدون إذنه ، و هكذا الحال في جميع موارد التقية .غاية الامر ان ما دل على ان التقية إنما شرعت ليحقن به الدم ناظر إلى بيان المرتبة العليا من التقية ، و ليس فيه ظهور في اختصاص الحكم بهذه المرتبة فقط .و من هنا ظهر ما في كلام المحقق الايرواني ، حيث قال : ( و يقرب عندي ان المراد من هذه الاحاديث أمر وجداني يدركه العقل ، و هو ان التقية لما شرعت لغاية حفظ النفس فإذا لم تكن هذه الغاية موجودة ، بل كان الشخص مقتولا لا محالة اتقى أو لم يتق فلا تقية1 - قد تقدمت الرواية في البحث عن الاضرار بالناس مع الاكراه عليه ص 445 .