لا يجوز للجائر أخذ الصدقات و المقاسمات من الناس الناحية الثانية : هل يجوز للجائر أخذ الصدقة و الخراج و المقاسمة من الناس أم لا ؟ و على القول بالجواز فهل تبرء ذمته إذا أعطاها لغير أهلها أم لا ؟ قد يقال : إن الولاية في زمان الغيبة و ان كانت راجعة إلى السلطان العادل الذي وجبت على الناس طاعته ، و حرمت عليهم معصيته ، فإذا غصبها غاصب و تقمصها متقمص كان عاصيا و آثما ، إلا ان هذه الولاية الجائرة تترتب عليها الاحكام الشرعية المترتبة على الولاية الحقة من حفظ حوزة الاسلام ، و جمع الحقوق الثابتة في أموال الناس ، و صرفها في محلها ، و غير ذلك ، لان موضوع تلك الاحكام هو مطلق السلطنة ، سواء أ كانت حقة أم باطلة ، كما إذا وقف احد ارضا ، و جعل توليتها لسلطان الوقت .و على الجملة إن المحرم إنما هو تصدي الجائر لمنصب السلطنة ، لا الاحكام المترتبة عليها ، فانها لا تحرم عليه بعد غصبه الخلافة و تقمصها ، هذا غاية ما يمكن ان يقال في جواز تصدي الجائر للامور العامة .و لكن يرد عليه ان هذا الاحتمال و ان كان ممكنا في مقام الثبوت إلا أنه لا دليل عليه ، و على هذا فالجائر مشغول الذمة بما يأخذه من حقوق المسلمين ما لم يخرج من عهدتها .و ذهب السيد في حاشيته إلى براءة ذمة الجائر لوجه آخر و حاصله : أن الائمة " ع " و هم الولاة الشرعيون قد أذنوا لشيعتهم في شراء الصدقة و الخراج و المقاسمة من الجائر و يكون تصرفه في هذه الحقوق الثلاثة كتصرف الفضولي في مال الغير إذا انضم اليه إذن المالك ، وح فيترتب عليه أمران ، أحدهما : براءة ذمة الزارع بما دفع إلى الجائر من الحقوق المذكورة .و ثانيهما : براءة ذمة الجائر من الضمان و إن ترتب عليه الاثم من جهة العصيان و العدوان ، و نظير ذلك ما إذا غصب الغاصب مال غيره فوهبه لآخر ، و أجازه المالك .و يرد عليه أولا : أن إذن الشارع في أخذ الحقوق المذكورة من الجائر إنما هو لتسهيل الامر على الشيعة لئلا يقعوا في المضيقة و الشدة ، فانهم يأخذون الاموال المذكورة من الجائر ، و أن إذنه هذا و إن كان يدل بالالتزام على براءة ذمة الزارع و إلا لزم منه العسر و الحرج المرفوعين في الشريعة ، إلا أنه لا اشعار فيه ببراءة ذمة الجائر فضلا عن الدلالة عليها ، و على هذا فتصديه لاخذ تلك الحقوق ظلم و عدوان ، فتشمله قاعدة ضمان اليد