و النهار ، كما حقق في الهيئة القديمة ، و كالاخبار عن الخسوف و الكسوف ، و عن ممازجات الكواكب و مقارناتها ، و اختفائها و احتراقها ، و نحوها من الامور الواضحة المقررة في علم معرفة التقويم و علم الهيئة ، فان الاخبار عنها نظير الاخبار عن طلوع الشمس في أول اليوم و عن غروبها في آخره مبني على التجربة و الامتحان و الحساب الصحيح الذي لا يتخلف غالبا ، و من الواضح جدا أنه لا يرتبط شيء منها بما نحن فيه ، بل هي خارجة عن علم النجوم .نعم إذا استند المخبر عن تلك الامور إلى الظنون المعتبرة عقلا ، و كان كلامه ظاهرا في الاخبار الجزمي كان الاخبار حراما من جهة الكذب ، و عليه فلا وجه لما ذكره المصنف من تجويز الاخبار عن سير الكواكب مع الاستناد إلى الامارات الظنية .إذا عرفت هاتين المقدمتين فنقول : قد اختلفت الاقوال في جواز تعلم النجوم و تعليمها و النظر فيها مع عدم اعتقاد تأثيرها أصلا و عدم جوازه .و تنقيح المسألة و تهذيبها يقع في امور : الاول : قال جمع من الفلاسفة : إن للافلاك نفوسا ترتسم فيها صورة المقدرات ، و يقال لها : لوح المحو و الاثبات ، و إن الافلاك متحركة على الاستدارة و الدوام حرمة إرادية اختياريه للشبه بعالم العقول ، و الوصول إلى المقصد الاقصى ، و إنها مؤثرة في ما يحدث في عالم العناصر من الموت و المرض و الصحة و الفقر و الغني ، و إن نظام الكل بشخصيته هو الانسان الكبير ، و العقول و النفوس بمنزلة القوي العاقلة و العاملة التي هي مبادي الادراكان و التحريكات و النفوس المطنبعة بمنزلة الروح الحيواني .و على الجملة التزموا بأن الموجودات الممكنة برمتها مفوضة إلى النفوس الفلكية ، و العقول الطولية ، و أن الله تعالى بعد خلقه العقل الاول منعزل عن التصرف في مخلوقه .و فيه أنه على خلاف ضرورة الدين ، و إجماع المسلمين ، و الاعتقاد به كفر و زندقة ، لكونه إنكارا للصانع ، فان الادلة العقلية و السمعية من الآيات و الروايات مطبقة على إثبات الصانع ، و إثبات القدرة المطلقة له تعالى ، و أن أزمة المخلوقات كلها في قبضة قدرته ، يفعل فيها ما يشاء ، و لا يسئل عما يفعل و هم يسألون .إلا أن يكون مراد الفلاسفة أن الفياض على الاطلاق في جميع الحالات هو الباري تعالى و لكن إفاضة الوجود بواسطة النفوس الفلكية ، و هي طرق لوصول الفيض ، و ليست مؤثرة في عالم العناصر ليلزم منه إنكار الصانع .و يظهر هذا من كلام جماعة منهم .على أن الظاهر من الآيات و الروايات ان حرمة الافلاك إنما هي حركة قمرية ،