لا يجوز إعطاء مجهول المالك لمن يدعيه إلا بعد الثبوت الشرعي
من حيث وجوب الفحص ، لاختصاصها بصورة التمكن منه ، و المطلقات المتقدمة أعم من جهة الفحص ، لشمولها صورتي التمكن من الفحص و عدمه ، و أخص من حيث المورد ، لاختصاصها بمجهول المالك ، فتقع المعارضة بينهما في مجهول المالك مع التمكن من الفحص ، فمقتضى الآية هو وجوب الفحص عن المالك مع التمكن منه ، و مقتضى الروايات هو جواز التصدق به قبل الفحص عنه ، سواء تمكن منه أم لا ، و قد حققنا في مبحث التعادل و الترجيح من علم الاصول انه إذا تعارض الخبر مع الكتاب معارضة العموم من وجه الترفع اليد عن الخبر ، و يؤخذ بعموم الكتاب أو بإطلاقه ، و عليه فلا بد من الاخذ بإطلاق الآية و الحكم بوجوب الفحص مع التمكن منه ، و رفع اليد عن المطلقات الظاهرة في عدم وجوبه .و مع الاغضاء عما ذكرناه ، و الحكم بالتساقط يرجع إلى ما دل على حرمة التصرف مال الغير بدون إذنه .لا يجوز إعطاء مجهول المالك لمن يدعيه إلا بعد الثبوت شرعا الجهة الثانية : هل يجوز أو يجب إعطاء مجهول المالك لمن يدعيه بعد الفحص عن مالكه ، و اليأس من العلم به استنادا إلى ما دل على سماع قول المدعي إذا لم يعارضه احد في دعوه ، أو لا يجوز إعطاؤه إلا مع التوصيف إلحاقا له باللقطة ، أو يعتبر الثبوت الشرعي ، لبطلان الوجهين المتقدمين ، فانه بعد وضع اليد على مال لا يجوز دفعه إلا إلى مالكه الواقعي ، أو إلى مالكه الشرعي ، و الوجهان المذكوران لا يفيدان ذلك .اما الوجه الاول : فيرده أن ترتيب الاثر على دعوى المدعي إذا كانت بلا معارض إنما هو فيما لم تثبت يدل على المال ، أما إذا ثبتت على المال يد فلا تسمع دعوى أحد عليه إلا بالطرق الشرعية ، ضرورة أن ذا اليد قد اشتغلت ذمته بالمال بمجرد وضع يده عليه ، فلا يخرج من عهدته إلا بإيصاله إلى مالكه ، أو صرفه فيما قرره الشارع ، و على هذا جرت السيرة القطعية ، على انه لا دليل على هذه القاعدة إلا رواية منصور ( 1 ) و قد تقدم الاشكال فيها .و أما الوجه الثاني : فيرده ان التوصيف ليس له موضوعية لاعطاء اللقطة لمن يدعيها .بل هو لحصول الاطمئنان بصدق المدعي في دعواه .و أما الاكتفاء بالتوصيف أو بالدعوى المجردة و إن لم تقارن بالتوصيف فلا دليل عليه ،1 - قد تقدمت الرواية و الجواب عن الاستدلال بها في ص 502 .