الاستدلال على فساد بيعه والجواب عنه
الشيخ في المبسوط ( 1 ) : ( و إن كان مما لا ينتفع به فلا يجوز بيعه بلا خلاف مثل الاسد و الذئب و سائر الحشرات ) .و في التذكرة ( 2 ) منع عن بيع تلك الامور لخستها ، و عدم التفات نظر الشرع إلى مثلها في التقويم ، و لا يثبت لاحد الملكية عليها ، و لا اعتبار بما يورد في الخواص من منافعها ، فانها مع ذلك لا نعد ما لا ، و كذا عند الشافعي .و في الجواهر ادعى الاجماع محصلا و منقولا على حرمة بيع ما لا ينتفع به نفعا مجوزا للتكسب به على وجه يرفع السفه عن ذلك .و على هذا المنهج فقهاء العامة أيضا ( 3 ) و ان جوز بعضهم بيع الحشرات و الهوام إذا كانت مما ينتفع بها .إذا عرفت ذلك فنقول : المتحصل من كلمات الفقهاء لفساد بيع ما لا نفع فيه وجوه : الوجه الاول : أن حقيقة البيع كما عن المصباح عبارة عن مبادلة مال بمال ، فلا يصح بيع ما ليس بمال .و فيه أولا : انه لا يعتبر في مفهوم البيع و صدقه لغة و عرفا عنوان المبادلة بين المالين ، و من هنا ذكر في القاموس : أن كل من ترك شيئا و تمسك بغيره فقد اشتراه ، و من الواضح جدا عدم تحقق الاشتراء بدون البيع ، للملازمة بينهما ، و لذا قال الراغب الاصفهاني الشراء و البيع يتلازمان ، بل كثر في الكتاب ( 4 ) العزيز استعمال البيع و الشراء في المبادلة المالية .و أما ما عن المصباح فمضافا إلى عدم حجية قوله .أنه كسائر التعاريف ليس تعريفا حقيقيا ، بل لمجرد شرح الاسم ، فلا يبحث فيه طردا و عكسا نقضا و إبراما .و ثانيا : أنه لو ثبت ذلك فغاية ما يلزم منه أنه لا يمكن تصحيح البيع بالعمومات الدالة1 - في فصل ما يصح بيعه و ما لا يصح من فصول البيع .2 - ج 1 ص 4 من البيع .3 - في ج 2 فقه المذاهب ص 232 : يصح بيع الحشرات و الهوام كالحيات و العقارب إذا كان ينتفع بها .و عن الحنابلة لا يصح بيع الحشرات .و في ص 237 : فإذا لم يكن من شأنه الانتفاع به كحبة من الحنطة فلا يجوز بيعه .4 - في مفردات الراغب : شريت بمعنى بعت أكثر .و أتبعت بمعنى اشتريت أكثر .قال الله تعالى : و شروه بثمن بخس ، اي باعوه ، و كذلك قوله : يشرون الحياة الدنيا بالآخرة .و يجوز الشراء و الاشتراء في كل ما يحصل به شيء ، نحو : ان الذين يشترون بعهد الله ، لا يشترون بآية الله ، اشتروا الحياة الدنيا ، اشتروا الضلالة إن الله اشترى من المؤمنين ، و من الناس من يشري نفسه ابتغعاء مرضاة الله .فمعني يشري يبيع .