جواز الاغتياب لرد ع المقول فيه عن المنكر الثالث : قصد ردع المغتاب ( بالفتح ) عن المنكر الذي يفعله ، و قد استدل المصنف على الجواز هنا بوجهين ، الاول : انا لغيبة هنا إحسان في حقه ، فانها و إن اشتملت على هتكه و إهانته إلا أنه توجب إنقاذه من المهلكة الابدية و العقوبة الاخروية .الثاني : ان عمومات النهي عن المنكر شاملة لذلك .أما الوجه الاول ففيه أولا : ان الدليل أخص من المدعى ، إذ ربما لا يرتدع المقول فيه عن فعل المنكر .و ثانيا : أن الغيبة محرمة على المغتاب بالكسر ، و لا يجوز الاحسان بالامر المحرم ، فانه إنما يتقبل الله من المتقين ، و هل يتوهم احد جواز الاحسان بالمال المغصوب و المسروق إلا إذا كان أعمى البصيرة ، كبعض المنحرفين عن الصراط المستقيم ، و دعوى رضى المقول فيه حينئذ بالغيبة جزافية .فانها مضافا إلى بعدها ، أن رضاه لا يرفع الحرمة التكليفية .و أما الوجه الثاني : ففيه انه لا يجوز ردع المنكر بالمنكر لانصراف أدلته عن ذلك ، و إلا لجاز ردع الزناة بالزناء بأعراضهم ، وردع السراق بسرقة أموالهم .نعم قد ثبت جواز دفع المنكر بالمنكر في موارد خاصة كما يتضح ذلك لمن يلاحظ أبواب النهي عن المنكر و أبواب الحدود ، و قد تقدم في البحث عن حرمة السب جواز شتم المبدع و الوقيعة فيه ، و البهت عليه ، بل وجوبها ، كما يظهر من بعض الروايات المتقدمة في المبحث المذكور .هذا كله فيما إذا لم يكن ردع ذلك المنكر مطلوبا من كل أحد و إلا وجب ردعه على كل من إطلع عليه باي نحو اتفق ، كمن تصدى لقتل النفوس المصونة ، و هتك الاعراض المحترمة ، واخذ الاموال الخطيرة ، فان منعه واجب بما هو أعظم من الغيبة فضلا عنها ، لان حفظ الامور المذكورة أه م في نظر الشارع من ترك الغيبة و نحوها ، و قد تقدمت الاشارة إلى حكم مزاحمة ترك الغيبة بما هو أهم منه .