حرمة الغيبة لا تلازم حرمة استماعها قوله : ( ثم إن المحرم سماع الغيبة المحرمة دون ما علم حليتها ) .أقول : إذا سلمنا حرمة سماع الغيبة بالارادة و الاختيار فهل هو حرام مطلقا حتى مع جواز الاغتياب كما في الموارد المتقدمة ؟ أو أنه يحرم مع حرمة الاغتياب فقط ؟ أو يفصل بين علم السامع بالحلية ، فيلتزم بالجواز و بين جهله بها ، فيلتزم بالحرمة ؟ و ظاهر المصنف جواز الاستماع ما لم يعلم السامع حرمة الغيبة ، لانه قول منكر فلا يحرم الاصغاء اليه للاصل .و أما حديث السامع احد المغتابين فمع تسليم صحته يدل على أن السامع لغيبة كالمتكلم بتلك الغيبة في الحرمة و الحلية ، فيكون دليلا على الجواز هنا .إلا أن يقال : إن الحديث ينزل السامع للغيبة منزلة المتكلم بها .فإذا جاز للسامع التكلم بالغيبة جاز له سماعها ، و إلا فلا ، و لكنه خلاف الظاهر من الحديث .و التحقيق أن جواز الغيبة قد يكون حكما واقعيا ، و قد يكون حكما ظاهريا .أما الجواز الواقعي فلا ملازمة فيه بين جواز الغيبة و جواز الاستماع إليها ، لانه يتصور على أنحاء ثلاثة : الاول : أن يكون المقول فيه جائز الغيبة عند الناس من اختصاص بشخص دون شخص : بأن كان متجاهرا في الفسق و متظاهرا في مخالفة المولى ، فان مثل هذا تجوز غيبته واقعا لكل أحد إما مطلقا أو في خصوص ما تجاهر فيه من الذنوب على الخلاف المتقدم .بل قد عرفت خروجه عن موضوع الغيبة راسا ، و عليه فالاستماع إليها أولى بالجواز .و كذلك الكلام في غيبة المبدع في الدين ، و الامام الجائر .الثاني : أن يكون جواز الغيبة الواقعي مختصا بالمغتاب ( بالكسر ) كالصبي المميز ، و المكره على اغتياب الناس ، و عليه فلا يجوز استماعها مطلقا لمن يحرم عليه الاغتياب ، لعدم الملازمة بينهما ، فان ارتفاع الحكم عن أحدهما لا يستلزم ارتفاعه عن الآخر .و على الجملة جواز السماع يدور مدار الرد عن المغتاب ( بالفتح ) و مع عدمه كان حراما و إن لم يكن المغتاب ( بالكسر ) مكلفا .فتحصل : أن الاغتياب جائز و الاستماع حرام ، كما أنه قد يكون السماع جائزا و الاستماع حراما .نظير ما إذا كان المغتاب ( بالكسر ) ممن لا يمكن رده ، و لا الفرار عنه كالسلطان الجائر و نحوه ، و لذا سكت الامام المجتبى " ع " عند سب أبيه .