المبالغة خارجة عن موضوع الكذب
به مقتا عند الله ) .و قد استشهد الامام " ع " بهذه الآية ايضا على ذلك في بعض الروايات المتقدمة في الحاشية .و فيه أن الآية أجنبية عن حرمة مخالفة الوعد فانها راجعة إلى ذم القول بغير العمل و عليه فموردها احد الامرين على سبيل مانعة الخلو .الاول : ان يتكلم الانسان بالاقاويل الكاذبة بأن يخبر عن اشياء مع علمه بكذبها و عدم موافقتها للواقع و نفس الامر ، فان هذا حرام بضرورة الاسلام كما تقدم .الثاني : موارد الامر بالمعروف و النهي عن المنكر : بأن يأمر الناس بالمعروف ، و يتركه هو ، و ينهاهم عن المنكر ، و يرتكبه ، و هذا هو الظاهر من الآية ، و من الطبرسي في تفسيرها ( 1 ) .و عليه فشأن الآية شأن قوله تعالى ( 2 ) : ( أ تأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم ) .و هذا ايضا حرام بالضرورة بل هو أقوى من الامر بالمنكر و النهي عن المعروف بالقول ، لكونه ترويجا للباطل بالعمل ، و من البديهي ان تأثيره في الترويج أقوى من تأثير القول فيه و اما الوعيد فمن حيث القاعدة يجري فيها ما جرى في الوعد إنشاء و إخبارا ، و اما من حيث الروايات فلا تشمله الاحاديث المتقدمة في الحاشية الظاهرة في الوجوب ، بداهة انه لا يجب الوفاء بالوعيد قطعا ، بل قد يحرم ذلك في بعض الموارد جزما .خروج المبالغة عن الكذب موضوعا قوله : ( ثم إنه لا ينبغي الاشكال في ان المبالغة في الادعاء و إن بلغت ما بلغت ليست من الكذب ) .أقول : إذا كانت المبالغة بالزيادة على الواقع كانت كذبا حقيقة ، كما إذا أعطى زيدا درهما فيقول : أعطيته عشرة دراهم ، أو إذا زار الحسين ( ع ) أو بقية المشاهد المشرفة أو الكعبة المكرمة مرة واحدة فيقول : زرت عشرين مرة ، و من هذا القبيل تأدية المعين بلفظ واحد موضوع للكثرة و المبالغة ، كإطلاق الضراب على الضارب ، فانه إخبار عن الكثرة بالهيئة .نعم لو قامت قرينة خارجية على إرادة الواقع ، و كون استعمال اللفظ فيه لاجل المبالغة فقط لما كان كذبا .و مثله ما هو متعارف بين المتجاورين من استعمال بعض الفصول من الاعداد في مقام1 - ج 5 مجمع البيان ص 278 .2 - سورة البقرة ، آية : 41 .