و فيه أنه لا شبهة في دوران المالية الشرعية مدار المنفعة المحللة ، و دوران المالية العرفية مدار مطلق المنافع و إن كانت محرمة ، و لكن الانتفاع بالاشياء ليس على نسق واحد ، بل يختلف باختلاف ذي النفع ، فنفع الجواهر و النقود بيعها و شرائها ، و جعلها أثمانا للامتعة و العروض ، و أما عدم كون الماء على الشط و التراب في البر من الاموال مع الانتفاع بها أهم الانتفاع فلكون الناس في الانتفاع بهما شرعا سواء ، و لذا لو اختصا بشخص واحد كبعض أقسام التراب فان الناس يبذلون بإزائهما المال المهم .و على الاجمال مالية الاشياء إنما هي باعتبار منافعها فعديم المنفعة ليس من الاموال .حقيقة حق الاختصاص و منشأ ثبوته قوله : ( و الظاهر ثبوت حق الاختصاص في هذه الامور ) .أقول : قد قامت السيرة القطعية الشرعية و العقلائية على ثبوت حق الاختصاص و الاولوية للملاك في أموالهم التي سقطت عن المالية للعوارض و الطواري كالماء على الشط ، و الحيوان المملوك إذا مات ، و الاراضي المملوكة إذا جعلها الجائر بين الناس شرعا سواء ، كالطوق و الشوارع المغصوبة ، بديهة عدم جواز مزاحمة الاجانب عن تصرف الملاك في أمثال تلك الموارد ما لم يثبت الاعراض و هذا مما لا ريب فيه .و إنما الكلام في منشأ ذلك الحق ، و قد استدل عليه بوجوه ، الاول : أن حق الاختصاص سلطنة ثابتة في الاموال و هي الملكية ، فإذا زالت الملكية بقي الحق على حاله ، لان كل واحد منهما ناشئ عن سبب خاص به .و فيه أن ذلك و إن كان ممكنا في مقام الثبوت ، إلا أنه ممنوع في مقام الاثبات لعدم الدليل عليه .الثاني : أن حق الاختصاص مرتبة ضعيفة من الملكية ، فإذا زالت الملكية بحدها الاقوى بقيت منها المرتبة الضعيفة التي نسميها بحق الاختصاص لعدم الملازمة بينهما في الارتفاع ، و يتضح ذلك بملاحظة الالوان و الكيفيات الخارجية .و فيه ان الملكية الحقيقية من أية مقولة كانت ، جدة أو إضافة ليست قابلة للشدة و الضعف حتى تعتبر بحدها الضعيف تارة ، و بحدها القوي تارة اخرى ، بل هي أمر بسيط فإذا زالت زالت بأصلها .و لو سلمنا كون الملكية الحقيقية ذات مراتب لم يجر ذلك في الاعتبارية فان اعتبار كل مرتبة منها مغاير لاعتبار المرتبة الاخرى ، و إذا زال اعتبار المرتبة القوية لم يبق بعده اعتبار