و نظير ذلك ما إذا تصدى أحد لقتل شخص محقون الدم بزعم أنه كافر حربي ، و نحن نعلم أنه محقون الدم ، فانه يحرم علينا السكوت و إن جاز له القتل ، و نظائره كثيرة في باب الرشوة و غيره .
الثالث : أن تكون هنا ملازمة عرفية بين جواز الغيبة و جواز الاستماع إليها ، كتظلم المظلوم ، فان مناط جواز الغيبة هنا هو ظهور ظلامته ، و اشتهارها بين الناس .
و هذا المعنى لا يتحقق في نظر العرف إلا بسماع التظلم منه ، و كذلك الشأن في سماع الغيبة في موارد الاستفتاء .
و على الجملة فجواز الغيبة واقعا لا يلازم جواز السماع ملازمة دائمية ، بل النسبة بينهما عموم من وجه ، فقد تحرم الغيبة دون الاستماع ، كالمكره على السماع ، و قد يحرم الاستماع دون الغيبة ، كما إذا كان القائل معذورا في ذلك دون السامع ، و قد يجتمعان .
و أما الجواز الظاهري للغيبة فهل يلازم جواز استماعها أم لا ، كما إذا احتمل السامع ، أو صرح القائل بأن المقول فيه مستحق للغيبة .
في كشف الريبة عند ذكر مستثنيات الغيبة إنه ( إذا سمع احد مغتابا لآخر و هو لا يعلم استحقاق المقول عنه للغيبة ، و لا عدمه قيل : لا يجب نهي القائل ، لامكان استحقاق المقول عنه ، فيحمل فعل القائل على الصحة ما لم يعلم فساده ، لان ردعه يستلزم انتهاك حرمته و هو أحد المحرمين ) .
و أجاب الشهيد ( ره ) عن ذلك في الكتاب المذكور : بأن ( الاولى التنبيه على ذلك إلى أن يتحقق المخرج منه ، لعموم الادلة ، و ترك الاستفصال فيها ، و هو دليل إرادة العموم ، حذرا من الاغراء بالجهل ، و لان ذلك لو تم لتمشى فيمن يعلم عدم استحقاق المقول عنه بالنسبة إلى السامع ، لاحتمال إطلاع القائل على ما يوجب تسويغ مقاله ، هدم قاعدة النهي عن الغيبة ) .
ورده المصنف بأن في ذلك خلطا بين رد الغيبة و النهي عنها ، و الذي نفاه القائل بعدم وجوب النهي هو الثاني الذي هو من صغريان النهي عن المنكر دون الاول .
و تحقيق مراد المصنف أن النسبة بين وجوب رد الغيبة و وجوب النهي عنها عموم من وجه ، فانه قد يجب النهي عن الغيبة ، لوجوب النهي عن المنكر حيث لا يجب ردها و لو من جهة كون المقول فيه جائز الغيبة عند السامع ، الشارب و رحمتك عند القائل ، و مع ذلك يجب نهي القائل عنها من باب وجوب النهي عن المنكر ، و قد يجب رد الغيبة حيث لا مورد للنهي عن المنكر ، كما إذا كان المغتاب ( بالكسر ) صبيا ، فان فعله ليس بمنكر لكي يجب النهي عنه ، إلا أنه يجب على السامع حينئذ رد الغيبة حفظا لاحترام أخيه المؤمن .
و قد