و فيه أنه قد تقدم في البحث عن كسب الماشطة ان النهي عن الاشتراط في أمثال هذه الصنائع ، و الامر بقبول ما يعطى صاحبها إنما هو إرشاد إلى ان الاشتراط فيها لا يناسب شؤون نوع الناس ، و أن المبذول لهؤلاء لا يقل عن أجرة المثل ، و هذا لا ينافي جواز رد المبذول إذا كان اقل من أجرة المثل ، و على هذا فلا دلالة فيها على التقييد .
هذا كله مع الاغضاء عن أسانيد الروايات و صونها عن الطرح ، و إلا فان جميعها ضعيف السند ما هو ظاهر في جواز النياح على وجه الاطلاق ، و ما هو ظاهر في الكراهة ، و ما هو ظاهر في جواز كسب النائحة إذا لم نشارط ، كرواية حنان المتقدمة .
و إذن فتبقى هذه الروايات سليمة عن المعارض .
حرمة الولاية من قبل الجائر قوله : ( السادسة و العشرون : الولاية من قبل الجائر ، و هي صيرورته واليا على قوم منصوبا من قبله محرمة ( ) .
أقول : الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في حرمة الولاية من قبل الجائر في الجملة .
و تدل عليه الاخبار المستفيضة ، بل المتواترة ( 1 ) و قد تقدم بعضها في البحث عن حرمة معونة الظالمين ، كقوله " ع " : ( من سود اسمه في ديوان ولد سابع " مقلوب عباس " حشره الله يوم القيامة خنزيرا ) .
و غير ذلك من الروايات .
و يدل على الحرمة ايضا ما في رواية تحف العقول من قوله " ع " : ( إن في ولاية الوالي الجائر دروس ( 2 ) الحق كله و لحياء الباطل كله و إظهار الظلم و الجور و الفساد و إبطال الكتب و قتل الانبياء و هدم المساجد و تبديل سنة الله و شرايعه فلذلك حرم العمل معهم و معونتهم و الكسب معهم إلا بجهة الضرورة نظير الضرورة إلى الدم و الميتة ) .
و هذه الرواية و إن كانت ضعيفة السند ، كما تقدم الكلام عليها في أول الكتاب ، إلا ان تلك التعليلات المذكورة فيها تعليلات صحيحة ، فلا بأس بالتمسك بها .
ثم إن ظاهر جملة من الروايات كون الولاية من قبل الجائر بنفسها محرمة ، و هي أخذ
1 - راجع ج 1 كاباب 30 عمل السلطان من المعيشة ص 357 . وج 2 التهذيب ص 100 . وج 10 الوافي ص 25 . وج 2 ئل باب 74 تحريم الولاية من قبل الجائر مما يكتسب به ص 549 . وج 2 المستدرك ص 438 . 2 - في نسخة تحف العقول ص 80 : ( دوس الحق ) : اي وطئه برجله .