مصباح الفقاهة فی المعاملات

السید أبوالقاسم الموسوی الخوئی؛ المقرر: محمدعلی التوحیدی التبریزی

جلد 1 -صفحه : 549/ 473
نمايش فراداده

النيابة في العبادات وحقيقتها

جهة الاتيان بالواجب ، بل لارتفاع موضوع الوجوب ، كما إذا أوجب الشارع عملا بعنوان المجانية فأتى به العبد مع الاجرة ، و هذا كدفن الميت بناء على أنه واجب على المكلفين مجانا فلو اتى به لا مجانا لم يتحقق الواجب ، فلا يكون مصداقا لواجب في الخارج ، لان المفروض انه مقيد بالمجانية ، و قد أتى به مع الاجرة ، إلا ان الوجوب يسقط عند ذلك ، لارتفاع موضوعه ، ففي جميع هذه الصورة يتحقق سقوط الوجوب ، و استحقاق الاجرة .

و هناك صورة رابعة لا يسقط الوجوب بالاتيان بالعمل المستأجر عليه فيها و إن كان الآتي بالعمل مستحقا لاخذ الاجرة على عمله ، لكونه محترما و هذا كالعبادات الواجبة على المكلفين عينا ، فانه إذا أتى بها المكلف بازاء الاجرة و قلنا بمنافاتها لقصد القرية و الاخلاص كما عليه المصنف و جمع آخر لم يمتثل الواجب و ان كان يستحق الاجرة لاحترام عمله ، وعيه فان بقي وقت الواجب وجبت عليه الاعادة و إلا عوقب على تركه إذا لم يدل دليل على تداركه بالقضاء .

حقيقة النيابة على العبادات قد ذكرنا في مبحث التعبدي و التوصلي من علم الاصول أن الاصول اللفظية و العملية تقتضي عدم سقوط التكاليف العبادية عن كل مكلف بإتيان غيره بها ، فلا بد لكل مكلف أن يمتثل تكاليفه العبادية بالمباشرة .

و عليه فنيابة الشخص عن غيره في إمتثال عباداته مع التقرب و الاخلاص تحتاج إلى الدليل و إن ثبت إمكانها في مقام الثبوت ، و لا شبهة في وقوع النيابة في العبادات الواجبة و المستحبة بضرورة الفقة نصا و فتوى ، و لا بأس بالتعرض للبحث عن تصوير إمكانها في ذلك دفعا لما توهمه بعض الاجلة من استحالة التقرب من النائب و حصول القرب للمنوب عنه ، نظرا إلى ان التقرب المعنوي كالتقرب الحسي المكاني لا يقبل النيابة .

و قد ذكر واحد من الاعلام وجوها في تصوير النيابة عن الغير في إمتثال وظائفة بقصد التقرب و الاخلاص : الاول : ما ذكره المصنف و حاصله : أن الاجير يجعل نفسه بدلا عن الميت في الاتيان بتكاليفه متقربا بها إلى الله تعالى ، فالمنوب عنه يتقرب اليه تعالى بفعل نائبة و تقربه ، و لا شبهة أن هذا التنزيل في نفسه مستحب ، و إنما يصير واجبا بالاجارة وجوبا توصليا من أن يعتبر فيه قصد القرية في ذاته ، بل اعتباره فيه من جهة اعتباره في وظيفة المنوب عنه ،