من حرمة التصرف فيه على كل تقدير ، و مع الاغضاء عن الاستناد إلى قاعدة اليد فلا بد من التفصيل بين الاموال التي كانت مسبوقة بيد اخرى ، و بين الاموال التي أخذت من المباحات الاصلية ، فان اصالة عدم الانتقال في الاول حاكمة على اصالة الحل .
و أما القسم الثاني فلا ريب في تنجيز العلم الاجمالي فيه ، لتعارض الاصول و تساقطها في اطرافه ، و كون التكليف منجزا على كل تقدير .
كما إذا كان للجائر عشرون دينارا فأجاز لاحد ان يتصرف في جميعها ، و كان المجاز يعلم ان احد هذه الدنانير حرام ، فانه يحرم عليه التصرف في جميعها .
و أما القسم الثالث فقد يتوهم فيه انحلال العلم الاجمالي إلى شك بدوي و علم تفصيلي على التقريب المتقدم في القسم الاول و مثاله إذا أعطى الجائر كبسه لشخص ، و قال له : خذ منه دينارا ، و كان الآخذ يعلم إجمالا باشتمال الكيس على دينار محرم ، فان اختياره دينارا خاصا إنما يعين متعلق إذن الجائر ، فكأنه من الاول إنما أذن في التصرف في ذلك الدينار المعين ، فيجري في هذا القسم جميع ما ذكرناه في القسم الاول .
و لكن التحقيق انه لا فرق في تنجيز العلم الاجمالي بين القسم الثاني و الثالث .
و الوجه في ذلك ما فصلناه في علم الاصول .
و مجمله ان العلم الاجمالي بالتكليف الثابت بين الاطراف المعينة التي هي بأجمعها في معرض الابتلاء يقتضي الاجتناب عن الجميع ، و عليه فالترخيص في ارتكاب ما يختاره المكلف ترخيص في مخالفة الحكم المنجز من وجود مؤمن في البين ، و أصالة عدم كون ما يختاره المجاز حراما معارضة بأصالة عدم كون الباقي حراما ، و إذن فيجب الاجتناب عن الجميع .
و بعبارة اخرى ان المناط في تنجيز العلم الاجمالي إنما هو تعارض الاصول في اطرافه ، سواء أ كان المكلف مع ذلك متمكنا من ارتكابها على نحو العلوم الشمولي ، أو على نحو العموم البدلي : بأن لا يتمكن من ارتكاب المجموع ، كما إذا قال المولى لعبده : يحرم عليك السكنى في الدرا المعينة عند طلوع الفجر فاشتبه عليه متعلق التكليف بين دارين فانه يجب عليه الاجتناب من كلتا الدارين ، مع أنه متمكن من السكنى فيهما معا عند طلوع الفجر ، فان عدم تمكن المكلف من ارتكاب مجموع الاطراف لا يمنع عن تنجيز العلم الاجمالي إذا تمكن من ارتكابها على البدل .
و قد يقال بانحلال العلم الاجمالي أيضا في هذا القسم لوجوه : الاول : قاعدة اليد .
و فيه أن قاعدة اليد إنما توجب الانحلال إذا أجاز الجائر التصرف في مال معين كما تقدم في القسم الاول ، و أما إذا أذن في التصرف في مال معين على نحو