جوابـه: إنّه لا يلزم من كون الحسن والقبح شرعيّين، بمعنى أنّ الشرع حاكم بالحسن، والقبح أن يحسن من الله الأمر بالكفر والمعاصي ; لأنّ المراد بهذا الحسن: إنْ كان استحسان هذه الأشياء، فعدم هذه الملازمة ظاهر ; لأنّ من الأشياء ما يكون مخالفاً للمصلحة لا يستحسنه الحكيم، وقد ذكرنا أنّ المصلحة والمفسدة حاصلتان للأفعال بحسب ذواتها.
وإنْ كان المـراد بهذا الحسـن عـدم الامتـناع عليـه، فـقد ذكرنـا أنّـه لا يمتنع عليه شيء عقلا، لكن جرى عادة الله على الأمر بما اشتمل على مصلحة من الأفعال، والنهي عمّا اشتمل على مفسدة من الأفعال.
فالعلم العادي حاكم بأنّ الله تعالى لم يأمر بالكفر وتكذيب الأنبياء قطّ، ولم ينه عن شكر المنعم وردّ الوديعة، فحصل الفرق بين هذا الأمر والنهي بجريان عادة الله الذي يجري مجرى المحال العادي، فلا يلزم شيء ممّا ذكر هذا الرجل، فقد زعم أنّه فلق الشَعرَ في تدقيق هذا السؤال الظاهر دفعه عند أهل الحقّ، حتّى رتّب عليه التشنيع والتفظيع، فيا له من رجل ما أجهله!
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 1 / 372.