وكون الثانية عن أنس، وهو إنّما خدم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة، والمعراج قبل الهجرة بسـنة(1).
وفـيـه ـ مع ما عرفت مراراً من أنّ ضعف سند الرواية عندهم في فضل أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولا سيّما المتعلّقة بخلافته، غير ضائر في صحّـتها(2) ـ:
إنّ الرواية إذا تعدّدت أسانيدها قويَ اعتبارها، ولا سيّما مع موافقتها للأخبار الكثيرة المصرّحة بخلافة عليّ (عليه السلام) ووصايته.
وأمّا قوله: " إنّ ابن عبّـاس كان حين المعراج ابن سنتين "، فغير مُسلّم..
ذكر في " الاستيعاب " بترجمة ابن عبّـاس، من طريق عبـد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بسنده عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبّـاس، قال: " توفّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا ابن خمس عشرة سنة "..
قال عبـد الله: قال أبي: وهذا هو الصواب "(3).
فيكون ابن عبّـاس حين الهجرة ابن خمس سنين، كما قال ابن تيميّة: " له نحو خمس سنين "(4)، وقال به كثير منهم(5).
وحينئذ: فله عند المعراج أربع سنين، ولا شكّ أنّ مثله في معرفته وذكائه يلتفت إلى مثل ذلك.
(1) الموضوعات 1 / 372 ـ 374.
(2) انظر: ج 1 / 25 من هذا الكتاب.
(3) الاستيعاب 3 / 934 رقم 1588.
(4) منهاج السُـنّة 7 / 66.
(5) انظر: أُسد الغابة 3 / 190 رقم 3035، تهذيب الكمال 10 / 255 رقم 3340، سير أعلام النبلاء 3 / 335 رقم 51، تهذيب التهذيب 4 / 357 رقم 3498.