نعم هي الرحمة، لكن الأمة اتبعت إبليس وقد صدّق عليها ظنّه: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيهِمْ إبليسُ ظَنَّهُ فاتَّبَعوهُ إلاّ فَريقاً مِنَ المُؤمِنينَ)(1).
وأنتم إن شاء الله هذا الفريق الذي أبى أن يتّبع إبليس وهو يوسوس للقوم ويقول لهم قولة الأعرابي الذي نزلت فيه مقدّمة سورة المعارج، الأعرابي الذي جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير بعد خطبة رسول الله وعقد الولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) ومبايعة القوم له بالولاية وقولهم: " بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم "(2). هذا مبايع يمزج البيعة بالتهنئة ويمزج التهنئة بالحسد ويمزج الحسد بالتلصص!
جاء هذا الأعرابي ـ أحمق لا يعرف تلوين الكلام، لا يعرف أن يأخذ البيعة بنيّة النقض والإنقلاب ـ بعد أن تمّت البيعة من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأعطى الولاية لعلي(عليه السلام).
وهو مشهد غريب! المشهد في تفصيلاته لو أراد مخرج من مخرجي الأحداث في العصر الحديث أن يخرج هذا المشهد لأخرج عرضاً
1 - سبأ: 20.
2 - إشارة إلى مقولة عمر بن الخطاب، أنظر: تاريخ بغداد: 8 / 284، البداية والنهاية: 7 / 386، شواهد التنزيل: 1 / 204، تاريخ دمشق: 42 / 233.