إنتصار بحوث فی التوراة و الانجیل

حبیب المهاجر العاملی

نسخه متنی -صفحه : 68/ 65
نمايش فراداده

تشريدها، وسكنت له الأفئدة بعد اضطرابها، واهتدت به بعد حيرتها، فهم به مؤمنون، لقد سأل بعضهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي رسول الله(صلى الله عليه وآله) وباب مدينة علمه أن يصف الله حتّى كأنّه يراه عياناً فغضب(عليه السلام)، وإنّما كان غضبه لأنّ السائل طلب أمراً لا ينبغي أن يطلبه ذو لبّ من الوقوف على كنه عظمة الله، فكأنّه بغضبه زجره عن محاولة ما يروم، ومن هنا تراه يقول له في خطابه البليغ:

فانظر أيّها السائل فما دلّك القرآن عليه من صفته فأتمَّ به واستضيء بنور هدايته، وما كلّفك الشيطان علمه ممّا ليس في الكتاب عليك فرضه، ولا في سنة النبي(صلى الله عليه وآله) وأئمّة الهدى أثره، فكلّ علمه إلى الله سبحانه، فإنّ ذلك منتهى حقّ الله عليك. واعلم ان الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب(1)، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمى تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخاً، فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمه الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين، ثم أخذ(عليه السلام)يذكر له ما يجب ان يعرفه من صفته فقال: هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته(2)، وحاول الفكر المبرّأ من خطرات

1- السدد جمع سدّة وهي ما يمنعك من الدخول إلى الدار والإقرار فاعل أغناهم.

2- ارتماء الأوهام سبقها أمام الفكر كالطليعة لها لتدرك منقطع القدرة أي منتهاها.