وفي الكلمة الثالثة من الإصحاح الأوّل من أعمال الرسل في مقام الحكاية عن ارتفاع عيسى بعد ما أوصى الرسل قال: (وهو يظهر لهم اربعين يوما)، ثمّ قال في الكلمة التاسعة منه: (ولمّا قال هذا ارتفع وهم ينظرون واخذته سحابة عن أعينهم)، كلمات تدلك بنفسها على نفسها، أيرى ان الله تعالى شأنه جسم تدركه الأبصار وتحويه الأماكن ليكون المسيح جالساً عن يمينه؟! ثمّ انّه إذا كان جالساً عن يمينه فهو غيره، مباين له ومنفصل عنه، فما ذلك الاتحاد والوحدة المزعومة عندهم بقولهم الآب والابن وروح القدس إله واحد؟ وكيف تكون الثلاثة واحداً؟ وماذا يصنعون بإنجيلهم وقوله (جلس عن يمين الله)؟ ثمّ ماذا يصنعون بقوله (وأصعد إلى السماء)؟ وقول أعمال الرسل (وأخذته سحابة عن أعينهم)؟ فمَن الذي صعد به؟ وكيف أخذته السحابة؟ وأيّهما أقدر من صاحبه الحامل أم المحمول؟ والآخذ أم المأخوذ؟ والصاعد أم مَن صعد به؟ (يا أيّها الناس ضُرِبَ مثلٌ فاستمعوا له إنّ الذين تدّعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب، ما قدروا الله حقّ قدره انّ الله لقوي عزيز)(1). أيّها السائل: إذا كان عيسى أصعد به واخذته سحابة فذلك آية انّه عبدٌ محكوم عليه والحاكم عليه أقدر منه أفلا يبصرون؟ أيّها السائل انّ محمّداً(صلى الله عليه وآله) جاء إلى الخلق فأخبرهم عن الله بما أذعنت له العقول بعد