محمّد(صلى الله عليه وآله) وبحيرا
يحدّثنا التاريخ انّ إيمان بحيرا بمحمّد(صلى الله عليه وآله) كان عن علم بصفات محمّد(صلى الله عليه وآله)وخصائصه من كتاب كانوا يتوارثونه رهبان تلك الصومعة فيما بينهم، حتّى إذا جاء محمّد(صلى الله عليه وآله) إلى الشام مع عمّه أبي طالب قيل في سنة ثمان من مولده رأى منه بحيرا ما كان يعلم من صفاته وخصائصه، رآه وقد أشرف عليه من صومعته والغمامة تظلّله، وما يمرّ به يسجد له، والشجرة قد هصرت أغصانها عليه لمّا نزل تحتها، ودعاه مع مَن معه إلى إطعامه، فلمّا جاءوا جعل يلحظ رسول الله(صلى الله عليه وآله) لحظاً شديداً، وينظر إلى أشياء من جسده الشريف كان يجدها عنده، وسأله حينما تفرّق القوم عن أشياء في حال يقظته ونومه فأخبره رسول الله(صلى الله عليه وآله) عنها، فكان يجدها بحيرا موافقة لما عنده من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوّة بين كتفيه، ومن هنا قال لمَن معه من أشياخ قريش وقد أخذ بيده (هذا سيّد العالمين، هذا رسول ربّ العالمين)(1) لم يمنع بحيرا عن الإيمان بمحمّد(صلى الله عليه وآله) حينما رأى ما رأى خوفاً على رياسة، ولا حرص على منزلة عند قومه ومكانة، بل أخذ يبشّر بمحمّد(صلى الله عليه وآله) ويقول لمَن معه انّي أرى ما لا ترون واعلم ما لا تعلمون، وان تحت هذه الشجرة لغلاماً لو كنتم تعلمون منه ما اعلم لحملتموه على أعناقكم حتّى تردوه إلى وطنه(2)، هذا شأن ذوي النفوس الحية، هذا طريق
1- تجد ذلك في صفحة 195 من الجزء الثاني من تاريخ الطبري.
2- تجد ذلك في صفحة 60 من سادس البحار.