خطبه

السید جعفر الحسینی

نسخه متنی -صفحه : 35/ 22
نمايش فراداده

ومن كلام له عليه السلام

لابي ذر; لمّا أخرج إلى الربذة [1782]

يَا أَبَا ذَرّ ، إِنَّكَ غَضِبْتَ لله ، فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ . إِنَّ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ ، وَخِفْتَهُمْ عَلَى دِينِكَ ، فَاتْرُكْ فِي أَيْدِيهِمْ مَا خَافُوكَ عَلَيْهِ وَاهْرُبْ مِنهُمْ بِمَا خِفْتَهُمْ عَلَيْهِ; فَمَا أَحْوَجَهُمْ إِلَى مَا مَنَعْتَهُمْ ، ومَا أَغْنَاكَ عَمَّا مَنَعُوكَ ! وَسَتَعْلَمُ مَنِ الرَّابِحُ غَداً ، وَالاَْكْثَرُ حُسَّداً . وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرَضِينَ كَانَتَا عَلَى عَبْد رَتْقاً ، ثُمَّ اتَّقَى اللهَ لَجَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْهُمَا مَخْرَجاً ! لاَ يُؤْنِسَنَّكَ إِلاَّ الْحَقُّ ، وَلاَ يُوحِشَنَّكَ إِلاَّ الْبَاطِلُ ، فَلَوْ قَبِلْتَ دُنْيَاهُمْ لاََحَبُّوكَ ، وَلَوْ قَرَضْتَ [1783] مِنْهَا لامِنُوكَ.

ومن كلام له عليه السلام

وفيه يبين سبب طلبه الحكم ويصف الامام الحق

أَيَّتُهَا النُّفُوسُ الُْمخْتَلِفَةُ ، وَالْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ ، الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ ، وَالْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ ، أَظْأَرُكُمْ [1784] عَلَى الْحَقِّ وَأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْهُ نُفُورَ الْمِعْزَى مِنْ وَعْوَعَةِ الاَْسَدِ ! هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ [1785] الْعَدْلِ ، أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجِ الْحَقِّ . اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَان ، وَلاَ الِْتمَاسَ شِيْء مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ ، وَلكِنْ لِنَرُدَّ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ وَنُظْهِرَ الاِْصْلاَحَ فِي بِلاَدِكَ ، فَيَأْمَنَ الْمَظلومُونَ مِنْ عِبَادِكَ ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ . اللَّهُمْ إِني أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ ، وَسَمِعَ وَأَجَابَ ، لَمْ يَسْبِقْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ بِالصَّلاَةِ .

وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالْمَغَانِمِ وَالاَْحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ ، فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ [1786] ، وَلاَ الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ ، وَلاَ الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ ، وَلاَ الْحَائِفُ [1787] )

الخائِف( لِلدُّوَلِ [1788] فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْم ، وَلاَ الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ ، وَيَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ [1789] وَلاَ الْمُعطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الامَّةَ .

ومن خطبة له عليه السلام

يعظ فيها ويزهد في الدنيا :

حمد الله

نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَخَذَ وَأَعْطَى ، وَعَلَى مَا أَبْلَى وَابْتَلَى [1790] . الْبَاطِنُ لِكُلِّ خَفِيَّة ، وَالْحَاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَة ، العَالِمُ بِمَا تُكِنُّ الصُّدُورُ ، وَمَا تَخُونُ الْعُيُونُ . وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ غَيْرُهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً 6 نَجِيبُهُ وَبَعِيثُهُ [1791] شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الاِعلاَنَ ، وَالْقَلْبُ اللِّسَانَ .

عظة الناس

ومنها : فَإِنَّهُ وَاللهِ الْجِدُّ لاَ اللَّعِبُ ، وَالْحَقُّ لاَ الْكَذِبُ . وَمَا هُوَ إِلاَّ الْمَوْتُ قَد أَسْمَعَ دَاعِيهِ [1792] ، وَأَعْجَلَ حَادِيهِ [1793] . فَـلاَ يَغُرَّنَّكَ سَوَادُ النَّاس مِنْ نَفْسِكَ ، وَقَدْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِمَّنْ جَمَعَ الْمَالَ وَحَذِرَ الاِْقْـلاَلَ ، وَأَمِنَ الْعَوَاقِبَ ـ طُولَ أَمَل وَاسْتِبْعَادَ أَجَلِ ـ كَيْفَ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَأَزْعَجَهُ عَنْ وَطَنِهِ ، وَأَخَذَهُ مِنْ مَأْمَنِهِ ، مَحْمُولاً عَلَى أَعْوَادِ الْمَنَايَا يَتَعَاطَى بِهِ الرِّجَالُ الرِّجَالَ ، حَمْلاً عَلَى الْمَنَاكِبِ وَإِمْسَاكاً بِالانَامِلِ . أَمَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَأْمُلُونَ بَعِيداً ، وَيَبْنُونَ مَشِيداً ، وَيَجْمَعُونَ كَثِيراً ! كَيْفَ أَصْبَحَتْ بُيُوتُهُمْ قُبُوراً ، وَمَا جَمَعُوا بُوراً ; وَصَارَتْ أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثِينَ ، وَأَزْوَاجُهُمْ لِقَوْم آخَرِينَ; لاَ فِي حَسَنَة يَزِيْدُونَ ، وَلاَ مِنْ سَيّـئَة يَسْتَعْتِبُونَ ! فَمَنْ أَشْعَرَ التَّقْوَى قَلْبَهُ بَرَّزَ مَهَلُهُ [1794] ، وَفَازَ عَمَلُهُ . فَاهْتَبِلُوا [1795] هَبَلَهَا ، وَاعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا ، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَام ، بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الاَعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ . فَكُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَاز [1796] . وَقَرِّبُوا الظُّهُورَ [1797] لِلزِّيَالِ [1798] .

ومن خطبة له عليه السلام

يعظم الله سبحانه ويذكر القرآن والنبي ويعظ الناس

عظمة الله تعالى

وَانْقَادَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَالاخِرَةُ بِأَزِمَّتِهَا ، وَقَذَفَتْ إِلَيْهِ السَمَاوَاتُ وَالاَرَضُونَ مَقَالِيدَهَا [1799] ، وَسَجَدَتْ لَهُ بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ الاَْشْجَارُ النَّاضِرَةُ ، وَقَدَحَتْ [1800] لَهُ مِنْ قُضْبَانِهَا النِّيرَانَ الْمُضِيئَةَ ، وَآتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِهِ الِّثمَارُ الْيَانِعَةُ .

القرآن

منها : وَكِتَابُ اللهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نَاطقٌ لاَ يَعْيَا لِسَانُهُ ، وَبَيْتٌ لاَ تُهْدَمُ أرْكَانُهُ ، وَعِزٌّ لاَ تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ .

رسول الله

منها : أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ ، وَتَنَازُع مِنَ الاَْلْسُنِ ، فَقَفَّى بِهِ الرُّسُلَ ، وَخَتَمَ بِهِ الْوَحْيَ ، فَجَاهَدَ فِي اللهِ الْمُدْبِرِينَ عَنْهُ ، وَالْعَادِلِينَ بِهِ .

الدنيا

منها : وَإِنَّمَا الدُّنْيَا مَنْتَهَى بَصَرِ الاَْعْمَى ، لاَ يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئاً ، وَالْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا . فَالبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ ، وَالاَْعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ ، . وَالْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ ، وَالاَْعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ .

عظة الناس

منها : وَاعْلَمُوا أ نَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْء إِلاَّ وَيَكَادُ صَاحِبُهُ يَشْبَعُ مِنْهُ وَيَمَلُّهُ إِلاَّ الْحَيَاةَ فَإِنَّهُ لاَ يَجِدُ فِي الْمَوْتِ رَاحَةً . وَإِنَّمَا ذلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ الَّتي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ الْمَيِّتِ ، وَبَصَرٌ لِلْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ ، وَسَمْعٌ لِلاُْذُنِ الصَّمَّاءِ ، وَرِيٌّ لِلظَّمَآنِ ، وَفِيهَا الْغِنَى كُلُّهُ وَالسَّلاَمَةُ . كِتَابُ اللهِ تُبْصِرُونَ بِهِ ، وَتَنْطِقُونَ بِهِ ، وَتَسْمَعُونَ بِهِ ، وَيَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْض ، وَيَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْض ، وَلاَ يَخْتَلِفُ فِي اللهِ ، وَلاَ يُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللهِ . قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ [1801] فِيَما بَيْنَكُمْ ، وَنَبَتَ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ [1802] . وَتَصَافَيْتُمْ عَلَى حُبِّ الاْمَالِ ، وَتَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ الاَْمْوَالِ .لَقَدِ اسْتَهَامَ [1803] بِكُمُ الْخَبِيثُ ، وَتَاهَ بِكُمُ الْغُرُورُ ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى نَفْسِي وَأَنْفُسِكُمْ .

ومن كلام له عليه السلام

وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو الروم بنفسه

وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لاَِهْلِ هذَا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ [1804] ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ . وَالَّذِي نَصَرَهُمْ ، وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمْتَنِعُونَ ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ . إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ ، فَتَلْقَهُمْ فَتُنْكَبْ ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ [1805] دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ . لَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِحْرَباً ، وَاحْفِزْ [1806] مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ [1807] وَالنَّصِيحَةِ ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ ، وَإِنْ تَكُنِ الاُْخْرَى ، كُنْتَ رِدْأً للنَّاس [1808] وَمَثَابَةً [1809] لِلْمُسْلِمِينَ .

ومن كلام له عليه السلام

وقد وقعت مشاجرة بينه وبين عثمان فقال المغيرة بن الاخنس لعثمان : أنا أكفيكه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام للمغيرة :

يَاابْنَ اللَّعِينِ الاَْبْتَرِ [1810] ، وَالشَّجَرَةِ الَّتي لاَ أَصْلَ لَهَا وَلاَ فَرْعَ أَنْتَ تَكْفِينِي ؟ فَوَ الله مَا أَعَزَّ اللهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ ، وَلاَ قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ . اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللهُ نَوَاكَ [1811] ، ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَكَ ، فَـلاَ أَبْقَى اللهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ !

ومن كلام له عليه السلام

في أمر البيعة :

لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً [1812] ، وَلَيْسَ أَمْرِي وَأَمْرُكُمْ وَاحِداً . إِنِّي أُرِيدُكُمْ لله وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لاَِنْفُسِكُمْ .

أَيُّهَا النَّاسُ ، أَعِينُوني عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَايْمُ اللهِ لاَُنْصِفَنَّ الْمَظلومَ مِنْ ظَالِمِهِ ، وَلاََقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ [1813] ، حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ كَارِهاً .

ومن كلام له عليه السلام

في شأن طلحة والزبير له :

وَاللهِ مَا أَنكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً ، وَلاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نِصْفاً [1814] وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ ، وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ ، فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ ، فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانُوا وُلّوهُ دُونِي فَمَا الطَّلِبَةُ [1815] إِلاَّ قِبَلَهُمْ . وَإِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ . وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ . وَإِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فِيهَا الْحَمأُ وَالْحُمَّةُ [1816] ، وَالشُّبْهَةُ الْمُغْدِفَةُ [1817] ; وَإِنَّ الاَْمْرَ لَوَاضِحٌ; وَقَدْ زَاحَ [1818] الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغَبِهِ [1819] . وَايْمُ اللهِ لاَُفْرِطَنَّ [1820] لَهُمْ حَوْضاً أنا مَاتِحُهُ [1821] ، لاَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِيٍّ ، وَلاَ يَعُبُّونَ [1822] بَعْدَهُ فِي حَسْي [1823] !

أمر البيعة

ومنه : فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ [1824] عَلَى أَوْلاَدِهَا ، تَقُولُونَ : الْبَيْعَةَ الْبَيْعَةَ ! قَبْضْتُ كَفِّي فَبَسَطْتُمُوهَا ، وَنَازَعَتْكُمْ يَدِي فَجَاذَبْتُمُوهَا . اللَّهُمَّ إنَّهُمَا قَطَعَانِي وَظَلَمانِي ، وَنَكَثَا بَيْعَتِي ، وَألّبَا [1825] النَّاسَ عَلَيَّ; فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا ، وَلاَ تُحْكِمْ لَهُمَا مَا أَبْرَمَا ، وَأَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِيَما أَمَّلا وَعَمِلاَ . وَلَقَدِ اسْتَثَبْتُهُمَا [1826] قَبْلَ الْقِتَالِ ، وَاسْتَأْنَيْتُ بِهمَا أَمَامَ الْوِقَاعِ [1827] ، فَغَمَطَا النِّعْمَةَ [1828] ، وَرَدَّا الْعَافِيَةَ .

ومن خطبة له عليه السلام

يومىء فيها إلى ذكر الملاحم

يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى ، إِذَا عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى ، وَيَعْطِفُ الرَّأيَ عَلَى الْقُرْآنِ إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأيِ .

ومنها : حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ عَلَى سَاق ، بَادِياً نَوَاجِذُهَا [1829] ، ممْلُوءَةً أَخْلاَفُهَا [1830] ، حُلْواً رَضَاعُهَا ، عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا . أَلاَ وَفِي غَد ـ وَسَيَأْتِي غَدٌ بِمَا لاَ تَعْرِفُونَ ـ يَأْخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرِهَا عُمَّالَهَا عَلَى مَسَاوِىءِ أَعْمَالِهَا ، وَتُخْرِجُ لَهُ الاَْرْضُ أَفَالِيذَ [1831] كَبِدِهَا ، وَتُلْقِي إِلَيْهِ سِلْماً مَقَالِيدَهَا ، فَيُرِيكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السِّيرَةِ ، وَيُحْييِ مَيِّتَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .

منها : كأ نَّي بِهِ قَدْ نَعَقَ بِالشَّامِ ، وَفَحَصَ [1832] بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ [1833] ، فَعَطَفَ اليها عَطْفَ الضَّرُوس [1834] ، وَفَرَشَ الاَْرْضَ بِالرُّؤُوس . قَدْ فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ [1835] ، وَثَقُلَتْ فِي الاَْرْض وَطأ تُهُ ، بَعِيدَ الْجَوْلَةِ ، عَظِيمَ الصَّوْلَةِ . وَاللهِ لَيُشَرِّدَنَّكُمْ [1836] فِي أَطْرَافِ الاَْرْض حَتَّى لاَ يَبْقَى مَنْكُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ ، كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ ، فَـلاَ تَزَالُونَ كَذلِكَ ، حَتَّى تَؤُوبَ إِلَى الْعَرَبِ عَوَازِبُ أَحْلاَمِهَا [1837] ! فَالْزَمُوا السُّنَنَ الْقَائِمَةَ ، وَالاثَارَ الْبَيِّنَةَ ، وَالْعَهْدَ الْقَرِيبَ الَّذِي عَلَيْهِ بَاقِي النُبُوَّةِ . وَاعْلَمُوا أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُسَنِّي [1838] لَكُمْ طُرُقَهُ لِتَتَّبِعُوا عَقِبَهُ .

)

139(

ومن كلام له عليه السلام

في وقت الشورى

لَنْ )

لم( يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى دَعْوَةِ حَقٍّ ، وَصِلَةِ رَحِم ، وَعَائِدَةِ كَرَم . فَاسْمَعُوا قَوْلِي ، وَعُوا مَنْطِقِي; عَسَى أَنْ تَرَوْا هذَا الاَْمْرَ مِنْ بَعْدِ هذَا الْيَوْمِ تُنْتَضَى [1839] فِيهِ السُّيُوفُ ، وَتُخَانُ فِيهِ الْعُهُودُ ، حَتَّى يَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لاَِهْلِ الضَّلاَلَةِ ، وَشِيعَةً لاَِهْلِ الْجَهَالَةِ .

ومن كلام له عليه السلام

في النهي عن غيبة الناس

وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لاَِهْلِ الْعِصْمَةِ وَالْمَصْنُوعِ إِلَيْهمْ فِي السَّلاَمَةِ [1840] أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذّ نُوبِ وَالْمَعْصِيَةِ ، وَيَكُونَ الشُّكْرُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ وَالْحَاجِزَ لَهُمْ عَنْهُمْ ، فَكَيْفَ بِالْعَائِبِ الَّذِي عَابَ أَخَاهُ وَعَيَّرَهُ بِبَلْوَاهُ ! أَمَا ذَكَرَ مَوْضِعَ سَتْرِ اللهِ عَلَيْهِ مِنْ ذُ نُوبِهِ مِمَّا هُوَ أَعْظْمُ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي عَابَهُ بِهِ ! وَكَيْفَ يَذُمُّهُ بِذَنْب قَدْ رَكِبَ مثْلَهُ ! فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَ ذلِكَ الذَّنْبَ بِعَيْنِهِ فَقَدْ عَصَى اللهَ فِيَما سِوَاهُ ، مِمَّا هُو أَعْظَمُ مِنْهُ . وَايْمُ اللهِ لَئِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَاهُ فِي الْكَبِيرِ ، وَعَصَاهُ فِي الصَّغِيرِ ، لَجُراءَتُهُ عَلَى عَيْبِ النَّاس أَكْبَرُ !

يَا عَبْدَ اللهِ ، لاَ تَعْجَلْ فِي عَيْبِ أَحَد بِذَنْبِهِ ، فَلَعَلَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ ، وَلاَ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِكَ صَغِيرَ مَعْصِيَة ، فَلَعَلَّكَ مُعَذَّبٌ عَلَيْهِ .فَلْيَكْفُفْ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عَيْبَ غَيْرِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَيْبِ نَفْسِهِ ، وَلْيَكُنِ الشُّكْرُ شَاغِلاً لَهُ عَلَى مُعَافَاتِهِ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ غَيْرُهُ .

ومن كلام له عليه السلام

في النهي عن سماع الغيبة وفي الفرق بين الحق والباطل

أَيُّهَا النَّاسُ ، مَنْ عَرَفَ مِنْ أَخِيهِ وَثِيقَةَ دِين وَسَدَادَ طَرِيق ، فَـلاَيَسْمَعَنَّ فِيهِ أَقَاوِيلَ الرِّجَالِ . أَمَا إِنَّهُ قَدْ يَرْمِي الرَّامِي ، وَتُخْطِىءُ السِّهَامُ ، وَيُحِيلُ )

يُحيك( الْكَـلاَمُ [1841] ، وَبَاطِلُ ذلِكَ يَبُورُ ، وَاللهُ سَمِيعٌ وَشَهِيدٌ . أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ إِلاَّ أَرْبَعُ أَصَابِـعَ .

فَسُئل ، 7 ، عن معنى قوله هذا ، فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه ، ثمّ قال :

الْبَاطِلُ أَنْ تَقُولَ سَمِعْتُ ، وَالْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْتُ !

ومن كلام له عليه السلام

المعروف في غير أهله

وَلَيْسَ لِوَاضِعِ الْمَعْرُوفِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ ، وَعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ ، مِنَ الْحَظِّ فِيَما أَتى إِلاَّ مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ ، وَثَنَاءُ الاَْشْرَارِ ، وَمَقَالَةُ الْجُهَالِ ، مَا دَامَ مُنْعِماً عَلَيْهِمْ; مَا أَجْوَدَ يَدَهُ ! وَهُوَ عَنْ ذَاتِ اللهِ بَخِيلٌ !

مواضع المعروف

فَمَنْ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ ، وَلْيُحْسِنْ مِنْهُ الضِّيَافَةَ ، وَلَْيَفُكَّ بِهِ الاَْسِيرَ وَالْعَانِيَ ، وَلْيُعْطِ مَنْهُ الْفَقِيرَ وَالْغَارِمَ [1842] ، وَلْيَصْبِرْ نَفْسَهُ [1843] عَلَى الْحُقُوقِ وَالنَّوَائِبِ ، ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ; فَإِنَّ فَوْزاً بِهذِهِ الْخِصَالِ شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنْيَا ، وَدَرْكُ فَضَائِلِ الاخِرَةِ; إِنْ شَاءَ اللهُ .

[1782] الرّبَذة : بالتحريـك ، موضع على قرب من المدينة المنـورة فيه قبر أبي ذَرّ الغفاري رضي الله عنه ، والذي أخرجه اليه عثمان بن عفان .

[1783] قرضت منها : قطعت منها جزءاً واختصصت به نفسك .

[1784] أظْأرَكم : أعْطفكم .

[1785] السَرار ـ كسَحاب وتكسر أيضاً في الاصل : آخر ليلة من الشهر . والمراد الظّلْمة .

[1786] النّهْمة ـ بفتح النون وسكون الهاء ـ إفراط الشهوة والمبالغة في الحرص .

[1787] الحائف : من الحيْف أي الجَوْر والظلم .

[1788] الدُوَل جمع دُولة بالضم : هي المال ، لانه يُتَدَاول أي ينقل من يد ليد . والمراد من يحيف في قسم الاموال فيفضِّل قوماً في العطاء على قوم بلا موجب للتفضيل .

[1789] المقَاطع : الحدود التي عينها الله لها .

[1790] الابلاء : الاحسان والانعام . والابتلاء : الامتحان .

[1791] بَعِيثه : مصطفاه ومبعوثه .

[1792] «الموت أسمعَ داعِيهِ» : أي إن الداعي إلى الموت قد أسمع بصوته كلّ حيّ ، فلا حي إلاّ وهو يعلم أنه يموت .

[1793] أعْجَلَ حادِيه : أي إن الحادي قد أعجَلَ المدبّرين عن تدبيرهـم ، وأخذهـم قبل الاستعداد لرحيلهم .

[1794] بَرّزَ الرجل على أقرانه : أي فاقهم . والمَهَل : التقدم في الخير ، أي فاق تقدمه إلى الخير على تقدم غيره .

[1795] اهْتَبَلَ الصيد : طلبه . والضمير في «هَبَلَهـا» للتقوى لا للدنيا . أي : اغنمـوا خيرَ التقوى .

[1796] الوَفْز ـ بتسكين الفاء وفتحها ـ العَجَلَة ، وجمعه أوْفاز ، أي كونوا منها على استعجال .

[1797] الظهور : يراد بها هنا ظهور المطايا .

[1798] الزِّيال : الفراق .

[1799] مقاليدها : جمع مِقْلاد ، وهو المفتاح .

[1800] قَدَحتْ : اشتعلت .

[1801] الغِلّ : الحقد ، والاصطلاح عليه : الاتفاق على تمكينه في النفوس .

[1802] «نَبَتَ المرعى على دِمَنِكم» : تأكيد وتوضيح لمعنى الحقد . والدِّمَن ـ بكسر ففتح ـ جمع دِمْنَة بالكسر ، وهي الحقد القديم . ونَبْتُ المرعى عليه استتارُهُ بظواهر النفاق . وأصل الدّمَن : السرقين وما يكون من أرواث الماشية وأبوالها . وسُمّيت بها الاحقاد لانها أشبه شيء بها .

[1803] استهام : أصله من هام على وجهه ، إذا خرج لا يدري أين يذهب .

[1804] الحَوْزَة : ما يَحُوزُه المالك ويتولى حفظه . وإعْزَازُ حَوْزة الدين : حمايتها من تغلّب أعدائه .

[1805] كانفة : عاصمة يلجؤون اليها ، من «كنفه» إذا صانه وستره .

[1806] احفِزْ : أمر من الحفز ، وهو الدفع والسَوْق الشديد .

[1807] أهل البَلاء : أهل المهارة في الحرب مع الصدق في القصد والجرأة في الاقدام . والبَلاء : هو الاجادة في العمل وإحسانه .

[1808] الرِّدْء ـ بالكسر ـ الملجأ .

[1809] المَثابة : المرجع .

[1810] الابْتر : هو من لا عَقِب له .

[1811] النّوَى : ها هنا بمعنى الدار .

[1812] الفَلْتة : الامر يقع عن غير رويّة ولا تدبّر .

[1813] الخِزامة ـ بالكسر ـ : حَلْقة من شعر تجعل في وترة أنف البعير ليشدّ فيها الزمام ويسهل قياده .

[1814] النِّصْف ـ بكسر النون ـ : الانصاف .

[1815] الطَّلِبة ـ بفتح الطاء وكسر اللام ـ : ما يطالب به من الثأر .

[1816] المراد بالحَمَأ هنا مطلق القريب والنسيب ، وهو كناية عن الزبير ، فانه من قرابة النبي ابن عمته ، والحُمَة ـ بضم ففتح ـ : أصلها الحية أو إبرة اللاسعة من الهوام .

[1817] أغْدَفَت المرأة قناعها : أرسلته على وجهها ، وأغدف الليل : أرخى سدوله . يعني : أن شبهة الطلب بدم عثمان شبهة ساترة للحق .

[1818] زاح يزيحُ زَيْحاً وزَيحاناً : بَعُدَ وذهب ، كانزاح . والنصاب الاصل . أي : قد انقلع الباطل عن مَغْرِسه .

[1819] الشّغَب ـ بالفتح ـ : تهييج الشرّ .

[1820] أفرطَ الحوضَ : ملاه حتى فاض والمراد حوض المنية .

[1821] ماتِحُهُ : أي نازع مائه لاسقيهم .

[1822] عبّ : شرب بلا تنفّس .

[1823] الحَسْيُ ـ بفتح الحاء وتكسر ـ : سهل من الارض يستنقع فيه الماء .

[1824] العُوذ : بضم العين ، جمع عائذة : وهي النِّتاج من الظباء والابل ، أو كل أُنثى . والمطَافيل : جمع مُطْفِل ـ بضم الميم وكسر الفاء ـ ذات الطفل من الانس والوحش .

[1825] التألّب : الافساد .

[1826] اسْتَثَبْتُهُما: من ثاب بالثاء إذا رجع ، أي استرجعتهما . وطلبت اليهما الرجوع للبيعة .

[1827] أمام الوِقاع : ـ ككتاب ـ قبيل المواقعة بالحرب .

[1828] غَمَطَ النعمة : جَحَدَها .

[1829] النواجذ : أقصى الاضراس أو الانياب . وبُدُوّ النواجذ : كناية عن شدة الاحتدام .

[1830] الاخلاف : جمع خِلْف ـ بالكسر ـ وهو للناقة حلمة الضرع .

[1831] أفاليذ : جمع أفْلاذ ، جمع فلذة : وهي القطعة من الذهب والفضة .

[1832] فحص : بحث .

[1833] كُوفان : الكوفة .

[1834] الضّروس : الناقة السيئة الخُلُق تعضّ حالبها .

[1835] «فَغَرَتْ فاغِرَتُهُ» : انفتح فمه ، وأكّد الفعل بذكر الفاعل من لفظه .

[1836] ليشرّدنّكم : ليفرقنكم.

[1837] عوازب أحلامها : غائبات عقولها .

[1838] يُسَنِّ : يسهّل .

[1839] تُنْتَضى : تُسَلّ .

[1840] المصنوع اليهم : الذين أنعم الله عليهم وأحسن صنعه اليهم بالسلامة من الاثام .

[1841] يُحْيل : يتغير عن وجه الحق .

[1842] الغارم : مَنْ عليه الديون .

[1843] صَبرَ نفسه ـ بالتخفيف ـ حَبَسها .