ظأب : الظاء والهمزة والباء كلمتان متباينتان : إحداهما الظَّأب ، وهو سِلْف الرّجُل . والأُخرَى الكلام والجَلَبة . قال :
ظأر : الظاء والهمزة والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على العطف والدنوِّ . من ذلك الظِّئر . وإنّما سمِّيت بذلك لعَطْفها على من تُربِّيه . وأظَّأَرت لولدي ظِئْراً ، كما مرَّ في أظَّلم بالظَّاء . والظَّؤُور من النُّوق : التي تعطف على البَوّ . وظأَرَني فلانٌ على كذا؛ أَي عطفَني . والظُّؤَار تُوصَف به الأثافيّ ، كأنّها متعطِّفة على الرَّماد . والظِّئار : أن تُعالَج النَّاقة بالغِمامةِ في أنفها لكي تَظْأر . وقولهم : « الطَّعْن يَظْأَر »؛ أَي يَعطِف على الصُّلح . ويقال : ظِئر وظُؤَار ، وهو من الجمع الذي جاء على فُعال ، وهو نادر .
ظأم : الظاء والهمزة والميم من الكلام والجَلَبة ، وهو إبدال . فالظَّأْم والظأب بمعنىً . والله أعلم .
ظبّ : الظاء والباء ما يصحُّ منه إلاّ كلمةٌ واحدة ، يقال : ما به ظَبْظَابٌ؛ أَي ما به قَلَبَة . قال ابن السّكّيت : ما به ظبظبابٌ ؛ أَي ما به عيبٌ ولا وجَع . قال الراجز :
بُنَيَّتي ليس بها ظبظابُ
ويقولون : الظَّباظِب : صليل أجواف الإبل من العطش؛ وليس بشيء ، وقيل : هو تصحيف ، وهو بالطّاء . فأمّا الذي في الكتاب الذي للخليل : أنّ الظَّابَّ السِّلْف فأراه غلِط على الخليل؛ لأنَّ الذي سمعناه الظَّأْب ، بالتَّخفيف . وقد ذُكر في بابه .
ظبى : الظاء والباء والحرف المعتلّ كلمتان ، إحداهما الظّبْي ، والأُخرَى ظُبَةُ السيف . وما لواحدة منهما قياس . فالظَّبْي : واحدٌ الظِّباء . معروف ، والأُنثى ظَبية ، وقد يُجمع على ظُبِيٍّ . وإذا قَلَّتْ فهي أظْب . و أمّا ما جاء في الحديث : « إذا أتيتَهُم فاربِضْ في دراهم ظَبْياً » ، فإنّه يقول : كن آمِناً فيهم كأنّك ظَبْيٌ آمن في كِناسِه لا يرى أنيساً . ويقولون : به داءُ ظبْي . قالوا : معناه أنّه لا داءَ به ، كما لا داءَ بالظبْي . قال :
والظَّبْيَة على معنى الاستعارة : جَهَاز المرأة ، وحياءُ النّاقة . والظَّبْية : جِرَابٌ صغير عليه شَعر . وكلُّ ذلك تشبيه .
وأمّا الأصل الآخَر فالظُّبَة : حَدُّ السّيف ، ولا يُدرى ما قياسُها ، وتجمع على ظُبِين وظُبات . قال قومٌ : هو من ذوات الواو ، وهو من قولنا ظَبَوْت . وهذا شيءٌ لا تدُلُّ عليه حُجّة . وقال في جمعِ ظبة ظبِين :
ظرب : الظاء والراء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شيء نابت أو غير نابت مع حِدَّة . من ذلك الظِّراب ، وهو جمع ظَرِب ، وهو النّابت من الحجارة مع حدَّة في طرَفه . ويقال : إنّ الأظراب : أسناخُ الأسنان . ويقال : بل هي الأربعة خلف النّواجد . وأمّا ابن دريد فزعم أنّ الأظراب في اللّجام : العُقَد التي في أطراف الحديدة . وأنشد :
باد نواجذُه على الأظرابِ
ويقال : إنّ الظُّرُبَّ : القصير اللَّحيم ، وهذا على التَّشبيه . قال :
لا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ
والظَّرِبانُ : دُويْبَّة .
ظرّ : الظاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على حَجَر محدَّد الطَّرَف . يقولون : إنّ الظُّرَر : حجرٌ محدَّد صُلب ، والجمع ظِرَّانٌ . قال :
وأظرَّ الرَّجُل : مَشَى على الظرَار . ويقولون : « أَظِرِّي إنَّك ناعلة » . يقولون : امْشِي على الظُّرَر ، فإنّ عليك نَعلين . يُضرَب مثلاً لمن يُكلَّف عملاً يقوَى عليه . ويقال : المَظَرّةُ : الحجر يُقدح به ، ويقال بل هو حجرٌ يُقطع به شيءٌ يكون في حياء النّاقة كالثؤلول . ويقال : أرضٌ مَظَرَّةَ : كثيرة الظُّرَر .
وممّا شذَّ عن هذا الباب قولهم : اظْرَوْرَى ؛ أَي انتفخ . والله أعلم .
ظرف : الظاء والراء والفاء كلمةٌ كأنّها صحيحة . يقولون : هذا وعاء الشَّيء وظَرْفُه ، ثمَّ يسمُّون البراعةَ ظَرْفاً ، وذكاءَ القَلْبِ كذلك . ومعنى ذلك أنّه وعاءٌ لذلك . وهو ظريفٌ . وقد أظْرَف الرّجُل ، إذا ولَد بنين ظُرَفاء ، وما أحسب شيئاً من ذلك من كلام العرب .
ظعن : الظاء والعين والنون أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على الشخوص من مكان إلى مكان. تقول: ظَعَنَ يظعَن ظعْناً وظَعَناً ، إذا شَخَص . قال الله سبحانه : ) وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الاَْنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ( والظَّعينة ، ممّا يقال فيه فقال قوم : هي المرأة ، وقال آخَرون : الظَّعائن الهوادج ، كان فيها نساء أو لم يكن . وهذا أصحُّ القولين؛ لأنَّه من أدوات الرَّحيل . والظَّعُون : البعير الذي يُعَدُّ للظَّعْن . ومن الباب الظِّعَان ، وهو الحبل الذي يُشَدُّ به القَتَبُ على البعير . وسمِّي ذلك ظِعاناً لأنَّه أحدُ أدوات السَّير والظّعن . قال :
ظفر : الظاء والفاء والراء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على القَهر والفَوز والغَلَبَة ، والآخر على قُوَّة في الشَّيء . ولعلَّ الأصلينِ يتقاربان في القياس .
فالأوّل الظَّفَر ، وهو الفَلْج والفَوْز بالشَّيء . يقال : ظَفِر يَظْفَر ظفَراً . والله تعالى أَظفَرَه . وقال تعالى : ) مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ( الفتح : 24 . ورجل مُظَفَّر .
والأصل الآخَر الظُّفْرُ ظُفْرُ الإنسان . ويقال : ظَفَّرَ في الشَّيء ، إذا جعل ظُفْره فيه . ورجلٌ أظفَرُ؛ أَي طويل الأظفار ، كما يقال أشْعَر أي طويل الشَّعر . ويقال للمَهِين : هو كَليل الظُّفر . وهذا مَثلٌ . قال طَرفة :
ويقال : ظَفَّرَ النَّبتُ تظفيراً ، إذا طَلَع . وذاك أن يَطْلُع منه كالأظفار بقوّة . وأمّا قولهم في الجُلَيدة تغشَى العَين ظَفَرة ، فذلك على طريق التَّشبيه . ويقال : ظُفِرت العينُ ، إذا كان بها ظفَرة . قال أبو عُبيد : وهي التي يقال لها ظُفْر .
ومن الباب ظُفْر القَوس ، وهما الجزءان اللذان يكون فيهما الوتَر في طرفَي سِيَتَي القَوس . وربَّما قالوا الظَّفَرة : ما اطمأنَّ من الأرض وأنبَت . وهذا أيضاً تشبيه . والأظفار : كواكبُ صغار ، وهي على جهة الاستعارة . فأمَّا ظَفَارِ ، وهي مدينةٌ باليمن ، فممكن أن تكون من بعض ما ذكرناه ، والنسبة إليها ظَفَارِيٌّ . والله أعلم .
ظلع : الظاء واللام والعين أُصَيلٌ يدلُّ على مَيْل في مَشْي . يقال : دابَّةَ بِهِ ظَلْعٌ ، إذا كان يَغمِز فيميل . ويقولون : هو ظالع؛ أَي مائلٌ عن الطَّريق القويم . قال النابغة :
ظلف : الظاء واللام والفاء أصل صحيحٌ يدلُّ على أدنى قوّة وشِدّة . من ذلك ظِلْف البَقرة وغيرِها . ورُبَّما استُعِير لِلفرس . قال :
وخيل تَطَأْكُمْ بأظلافها
وإذا رميتَ الصَّيدَ فأصبتَ ظِلفه قلت : قد ظَلَفْتُه ، وهو مظلوف . والظّلف والظَّليف : كلُّ مكان خَشِن . وقال الأمويّ : أرضٌ ظَلِفَةٌ : غليظة لا يُرَى أثرُ مَن مشَى فيها ، بيِّنة الظَّلَف . ومنه أُخذ الظَّلَف في المعيشة .
وقول النّاس : هو ظَلِفٌ عن كذا ، يراد التشدُّد في الورع والكَفّ . وهو من هذا القياس .
وأمَّا حِنْو القَتَب فسمِّي ظَلِفة لقُوَّته وشدَّته . ويقال : أخذ الجزورَ بظَلَفها وظَلِيفتها؛ أَي كلّها .
ظلّ : الظاء واللام أصلٌ واحد ، يدلُّ على ستر شيء لشيء ، وهو الذي يُسمَّى الظّلّ . و كلمات البابِ عائدةٌ إليه . فالظِّلّ : ظِلّ الإنسان وغيرِه ، ويكونُ بالغداة والعَشيّ ، والفيءُ لا يكون إلاّ بالعشيّ . وتقول : أظلَّتْني الشّجرة . وظِلٌّ ظليل : دائم . واللَّيل ظِلٌّ . قال :
يريد في سترِ ليل أخضر. وأظَلَّكَ فلانٌ، كأنّه وقاك بظلِّه ، وهو عزُّه ومَنْعَتُه . والمِظَلّةُ معروفة . وأظَلَّ يومُنا : دام ظِلُّه . ويقال : إنّ الظُّلَّة : أوّل سحابة تُظِلّ . والظُّلَّة : كهيئة الصُّفَّةِ . قال الله تعالى : ) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ( الأعراف : 171 .
ومن الباب قولهم : ظلَّ يفعل كذا ، وذلك إذا فعله نهاراً ، وإنّما قلنا إنّه من الباب لأنّ ذلك شيءٌ يخصّ به النهار ، وذلك أنّ الشَّيء يكون له ظلٌّ نهاراً ، ولا يقال ظلَّ يفعلُ كذا ليلاً؛ لأنّ الليلَ نفسه ظِلّ .
ومن الباب ، وقياسُه صحيح : الأَظَلّ ، وهو باطنُ خُفِّ البعير . ويجوز أن يكون كذا لأنَّه يستُر ما تحتَه ، أو لأنَّه مُغَطَّى بما فوقه . قال :
في نَكِيب مَعِر دامِي الأظَلّْ
فأمّا قول الآخر :
تشكو الوجَى من أَظْلَل وَأَظلَلِ
فهو الأظلّ ، لكنّه أظهر التَّضعيفَ ضرورة .
ظلم : الظاء واللام والميم أصلانِ صحيحان ، أحدهما خلافُ الضِّياء والنور ، والآخر وَضْع الشَّيء غيرَ موضعه تعدِّياً .
فالأوّل الظُّلمة ، والجمع ظلمات . والظَّلام : اسم الظلمة؛ وقد أظلَمَ المكان إظلاماً .
ومن هذا الباب ما حكاه الخليل من قولهم : لقيته أوَّلَ ذِي ظُلْمة . قال : وهو أوّلُ شيء سَدَّ بصرَك في الرُّؤْية ، لا يشتقُّ منه فِعل . ومن هذا قولهم : لَقيته أدنى ظَلَم ، لِلقريب . ويقولونه بألفاظ أُخَرَ مركبة من الظاء واللام والميم ، وأصل ذلك الظُّلمة ، كأنَّهم يجعلون الشَّخص ظُلْمةً في التشبيه ، وذلك كتسميتهم الشّخصَ سواداً . فعلى هذا يُحمل الباب ، وهو من غريب ما يُحمل عليه كلامُهم .
والأصل الآخَر ظَلَمه يظلِمُه ظُلْماً . والأصل وضعُ الشَّيءِ في غير موضعه؛ ألا تَراهم يقولون : « مَن أشْبَهَ أباه فما ظَلَم »؛ أَي ما وضع الشَّبَه غيرَ موضعه . قال كعب :
ويقال : ظَلَّمت فلاناً : نسبتُه إلى الظُّلم . وظَلَمْت فلاناً فاظَّلم وانظلم ، إذا احتمل الظُّلْم . وأنشد بيت زُهَير :
بالظاء والطاء . والأرض المظلومة : التي لم تُحفَر قطُّ ثمّ حفرت؛ وذلك التُّرابُ ظَليم . قال :
وإذا نُحِر البعيرُ من غير عِلّة فقد ظُلِم. ومنه قوله:
والظُّلاَمَة ما تطلبه من مَظْلِمَتك عند الظَّالم . ويقال : سقانا ظَلِيمةً طيِّبة . وقد ظَلَم وطْبَه ، إذا سَقَى منه قبل أن يروب ويُخرِج زُبَده . ويقال لذلك اللَّبِن ظليمٌ أيضاً . قال :
والله أعلم بالصَّواب .
ظما : الظاء والميم والحرف المعتلّ والمهموز أصلٌ يدلُّ على ذبول وقلّة ماء . من ذلك : الظَّمَا ، غير مهموز : قلّة دم اللِّثَة . يقال : امرأةٌ ظمياء اللَثاث . وعينٌ ظمياء : رقية الجَفن . ثمّ يحمل عليه فيقال ساقٌ ظمياء : قليلة اللحم .
ومن المهموز : الظَّمَأ ، وهو العطش ، تقول : ظمئت أظمَأ ظَمَأ . فأمّا الظِّمْء فما بين الشَّربتين . والقياس في ذلك كلِّه واحد. ويقولون:رمحٌ أظْمَى: أسمر رقيق . وإنّما صار كذلك لذهاب مائه .
ظنب : الظاء والنون والباء كلمة صحيحة ، وهو العظم اليابس من ساق وغيره ، ثمّ يتمثَّل به فيقال للجادِّ في الأمر : قد قرع ظنبوبَه . وقولُ سلامةَ بنِ جندل :
فقال قوم : تقرع ظنابيب الخيل بالسِّياط ركضاً إلى العدوِّ . وقال قوم : الظُّنبوب : مسمار جُبّة السِّنَان؛ أَي إنَّا نركِّب الأسنّة .
ظنّ : الظاء والنون أُصَيلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنيينِ مختلفين : يقين وشكّ .
فأمَّا اليقين فقولُ القائل : ظننت ظنّاً؛ أَي أيقنت . قال الله تعالى : ) قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّون أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللهِ( البقرة : 249 أراد ، والله أعلم ، يوقنون . والعربُ تقول ذلك وتعرفه . قال شاعرهم :
أراد : أَيقِنُوا . وهو في القرآن كثير .
ومن هذا الباب مَظِنَّة الشَّيء ، وهو مَعْلَمه ومكانُه . ويقولون : هو مَظِنَّةٌ لكذا . قال النّابغة :
فإنَّ مَظِنَّة الجهلِ الشَّبابُ
والأصل الآخر : الشّكّ ، يقال : ظننت الشَّيءَ ، إذا لم تتيقّنْه . ومن ذلك الظِّنَّة : التُّهَْمَة . والظَّنِين : المُتّهم . ويقال : اظَّنَّنِي فُلانٌ . قال الشّاعر :
وربَّما جُعلت طاء؛ لأنّ الظّاء أُدغمت في تاء الافتعال . والظَّنُون : السَّيِّئُ الظنّ . والتَّظنِّي : إعمال الظَّنّ . وأصل التظَنِّي التظنُّن . ويقولون : سُؤْت به ظنّاً وأسأْت به الظّنّ ، يدخلون الألف إذا جاؤوا بالألف واللام . والظَّنُون : البِئر لا يُدرَى أفيها ماءٌ أمْ لا . قال :
والدَّيْن الظَّنُون : الذي لا يُدرى أيقضى أم لا . والباب كلُّه واحد .
ظهر : الظاء والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قوّة وبروز . من ذلك ظَهَر يظهر ظهوراً فهو ظاهر ، إذا انكشف وبرز . ولذلك سمِّي وقت الظُّهر والظَّهيرة ، وهو أظهر أوقات النّهار وأضوؤُها . والأصل فيه كلّه ظهر الإنسان ، وهو خلافُ بطنه ، وهو يجمع البُروزَ والقوّة . ويقال للرِّكاب الظَّهر؛ لأنَّ الذي يَحمِل منها الشَّيءَ ظهورُها . ويقال : رجل مظهَّر؛ أَي شديد الظَّهْر . ورجلٌ ظَهِر : يشتكي ظهره .
ومن الباب : أظهرْنا ، إذا سرنا في وقت الظُّهْر . ومنه : ظهرتُ على كذا ، إذا اطَّلعتَ عليه . والظَّهِير : البعير القويّ . والظَّهير : المُعِين ، كأنّه أسندَ ظَهْرَه إلى ظهرك . والظُّهور : الغَلبة . قال الله تعالى : ) فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ( الصف : 14 . والظَّاهرة : العين الجاحظة . والظِّهار : قولُ الرّجل لامرأته : أنتِ عَلَيَّ كظهر أُمِّي . وهي كلمةٌ كانوا يقولونها ، يريدون بها الفراق . وإنّما اختصُّوا الظَّهْر لمكان الرُّكوب ، وإلاّ فسائر أعضائها في التَّحريم كالظَّهر . والظُّهار من الرِّيش : ما يظهر منه في الجَناح . والظِّهريُّ : كلُّ شيء تجعله بظَهْر؛ أَي تنساه ، كأنَّك قد جعلتَه خلف ظهرك ، إعراضاً عنه وتركاً له . قال الله سبحانه : ) وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً( هود : 92 . وقد جعل فلانٌ حاجتي بظهر ، إذا لم يُقْبِل عليها ، بل جعلها وراءه . وقال الفرزدق :
ومن الباب : هذا أمرٌ ظاهر عنك عارُه؛ أَي زائل ، كأنَّه إذا زال فقد صار وراء ظهرك . وقال أبو ذؤيب :
ويقولون : إنّ الظّهَرَة : متاع البيت . وأحسب هذه مستعارة من الظَّهر أيضاً؛ لأنّ الإنسان يستظهِر بها؛ أَي يتقوَّى ويستعين على ما نابَه . والظَّاهرة : أن ترِدَ الإبلُ كلَّ يوم نصفَ النَّهار . ويقولون : سلكْنا الظَّهْر : يريدون طريقَ البَرِّ ، وذلك لظهوره وبروزه . ويقولون : جاء فلانٌ في ظَهْرَته وناهضتِه؛ أَي قومه . وإنّما سُمُّوا ظَهْرَةً لأنَّه يتقوَّى بهم . وقريشُ الظَّواهِر سُمُّوا بذلك لأنّهم ينزلون ظاهرَ مكّة . قال :
قُريشِ البطاحِ لا قريشِ الظَّواهِر
وأقران الظَّهْر : الذين يجيؤون من ورائك .
وحكَى ابن دريد : « تظاهر القوم ، إذا تدابروا ، وكأنّه من الأضداد » . وهذا المعنى الذي ذكره ابن دريد صحيح؛ لأنَّه أراد أنَّ كلّ واحد منهما أدبَرَ عن صاحبه ، وجعل ظهرَه إليه . والله أعلم .