حَتّى أَتى أُزْبِيُّها بالإِدْبِ
قال الكِسائيّ : أُزْبيٌّ وأُزابيُّ الصَّخَب. وقوسٌ ذاتُ أُزْبيّ، وهو الصوت العالي. قال :
قال أبو عمرو : الأَزَابيُّ البغي . قال :
أزح : الهمزة والزاء والحاء. يقال : أزَح إذا تخلَّف عن الشَّيء يَأْزِحُ. وأزح إذا تقبّض ودنا بعضُه من بعض .
أزد : قبيلة، والأصل السين. وقد ذكر في بابه.
أزر : الهمزة والزاء والراء أصل واحد، وهو القوّة والشدّة، يقال : تأزَّر النَّبت، إذا قوي واشتدّ. أنشدنا عليُّ بن إبراهيم القطّان قال :
أملَى علينا ثعلب :
يصف كثرةَ النَّبات وأنّ الشاءَ تنام فيه فلا تُرَى. والأزْرُ : القوّة، قال البَعِيث :
أزّ : والهمزة والزاء يدلّ علَى التحرّك والتحريك والإزعاج. قال الخليل : الأزُّ حمل الإنسانُ الإنسانَ علَى الأمرِ برفق واحتيال. الشيطان يؤزّ الإنسانَ علَى المعصية أزّاً. قال الله تعالَى : ) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تُؤُزُّهُمْ أَزّاً( مريم : 83. قال أهل التفسير : تُزعجهم إزعاجاً. وأنشد ابن دُريد :
قال ابنُ الأعرابيّ : الأزّ حلْب النَّاقة بشدّة. وأنشد :
قال أبو عبيد : الأزّ : ضمّ الشَّيء إلَى الشَّيء. قال الخليل : الأزّ غليَان القِدر، وهو الأزيز أيضاً. وفي الحديث : « كان يصلِّي ولِجَوفه أزيزٌ كأزيز المِرجَل من البكاء ». قال أبو زيد : الأزّ صوتُ الرعد، يقال أزّ يئزُّ أزّاً وأزيزاً. قال أبو حاتم : والأزيز القُرّ الشَّديد، يقال ليلةٌ ذات أزيز ولا يقال يومٌ ذو أزيز. قال : والأزيز شدَّة السير، يقال أزَّتْنا الرِّيح أي ساقتنا. قال ابن دريد : بيت أَزَزٌ، إذا امتلأ ناساً.
أزف : الهمزة والزاء والفاء يدلّ على الدّنُوّ والمقارَبة، يقال : أَزِفَ الرَّحِيلُ إذا اقترب ودنا. قال الله تعالَى : ) أَزِفَتِ الآزِفَةُ( النجم : 57 يعني القيامة. فأمّا المتَآزِف فمن هذا القياس، يقال : رجل مُتآزف أي قصير متقارب الخَلْق. قالت أُمُّ يزيد بن الطَّثْرِيَّة :
قال الشيبانيّ : الضَّيّقُ الخُلُ. وأنشد :
المُجَذَّر : القصير. والجاذي : اليابس. وهذا البيت لا يدلُّ على شيء في الخُلُق وإنّما هو في الخَلْق وإنّما أراد الشاعرُ القصيرَ. ويقال : تآزَفَ القوم إذا تَدَانَى بعضُهم من بَعْض. قال الشيبانيّ : آزَفنِي فلانٌ أي أعجلني يُؤْزِفُ إِيزَافاً. والمآزِف : المواضع القذِرة، واحدتها مأزَفَةٌ. وقال :
وذلك لا يكاد يكون إلاّ في مَضِيق.
أزق : الهمزة والزاء والقاف قياسٌ واحد وأصلٌ واحد، وهو الضيِّق. قال الخليل وغيره : الأَزْقُ الضيِّق في الحرب. وكذلك يدعى مكان الوَغَى المَأْزِق. قال ابنُ الأعرابيّ : يقال : استُؤْزِق على فلان إذا ضاق عليه المكان فلم يُطِقْ أن يَبْرُز. وهو في شعر العجّاج :
مَلاَلةً يَمَلُّهَا وَأَزْقَا
أزل : وأمّا الهمزة والزاء واللام فأصلان : الضيِّق، والكَذِب. قال الخليل : الأَزْل الشدّة، تقول : هم في أَزْل من العَيْش إذا كانوا في سَنَة أو بَلْوَى. قال :
قال الشيبانيّ : أزَلْتُ الماشيةَ والقومَ أزْلاً أي ضيّقْت عليهم. وأُزِلَتِ الإبلُ : حُبِست عن المَرعَى. وأنشد ابن دُرَيد :
ويقال : أُزِلَ القوم يُؤْزَلُونَ إذا أَجْدَبُوا. قال :
السَّمارُ : المَذِيق الذي يكثر ماؤُه. والآزِل : الرجل المُجْدِب. قال شاعر :
قال الخليل : يقال : أزَلْتُ الفرسَ إذا قَصَّرْتَ حَبْلَه ثمّ أرسلتَه في مَرْعىً. قال أبو النَّجم :
لم يَرْعَ مأْزُولاً ولَمَّا يُعْقَلِ
وأمّا الكَذِب فالإزْل، قال ابن دارة :
وأمّا الأزَل الذي هو القِدَم فالأصل ليس بقياس، ولكنّه كلامٌ مُوَجزٌ مُبدَل، إنّما كان « لم يَزَلْ » فأرادوا النِّسبة إليه فلم يستقم، فنسَبُوا إلَى يَزَل، ثمّ قلبوا الياء همزة فقالوا : أَزَلِيٌّ، كما قالوا في ذي يَزَن حتّى نسبوا الرُّمْحَ إليه : أَزَنيٌّ.
آزم : وأمّا الهمزة والزاء والميم فأصلٌ واحد، وهو الضيِّق وتَدانِي الشَّيء من الشَّيء لشدّة والتِفَاف؛ قال الخليل : أَزَمْتُ وأنا آزِمٌ. والأزْم شدّة العَضّ. والفرسُ يأزِم على فأس اللِّجام. قال طَرَفَة :
قال العامريّ : يقال : أَزَمَ عليه إذا عَضَّ ولم يفتح فَمَه. قال أبو عُبيد : أَزَمَ عليه إذا قبض بفمه، وبَزَم إذا كان بمقدَّم فيه. والحِمْيَةُ تسمَّى أَزْماً من هذا، كأن الإنسانِ يُمْسِكُ على فمه. ويقال : أزَم الرّجل على صاحبه أي لزِمه، وآزَمَني كذا أي ألْزَمَنِيه. والسّنة أَزَمَةٌ للشِّدَّة التي فيها. قال :
إذا أَزَمَتْ أَوَازِمُ كلِّ عامِ
وأنشد أبو عمرو :
قال الأصمعيّ : سَنَةٌ أَزُومٌ وأَزامِ مخفوضة، قال :
والأمْر الأَزُوم المُنكَر. قال الخليل : أَزَمْت العِنَانَ والحَبْل فأنا آزِمٌ وهو مَأْزُومٌ، إذا أحكَمْتَ ضَفْرَهُ. والمَأْزِم : مضيق الوادِي ذِي الحُزُونة والمأْزِمان : مَضيقَان بالحَرَم.
أزى : الهمزة والزاء وما بعدهما من المعتلّ أصلان، إليهما ترجع فروعُ الباب كلِّه بإعمالِ دقيقِ النَّظر : أحدهما انضمام الشَّيء بعضِه إلَى بعض، والآخر المحاذاة. قال الخليل : أَزَى الشَّيءُ يَأْزِي إذا اكتَنَزَ بعضُه إلَى بعض وانضمّ. قال :
فهو آز لحمُه زِيم
قال الشيبانيّ : أَزَتِ الشمس للمغيب أزْياً. وأَزَى الظلّ يَأْزِي أَزْياً وَأَزِيّاً إذا قَلَصَ. وأنشد غيره :
وإذا نقصَ الماء قيل أَزَى، والقياس واحد. كذلك أَزَى المالُ. قال :
حتّى أَزَى ديوانُهُ المَحْسُوبُ
ومن الباب قول الفرّاء : أَزَأْتُ عن الشَّيء إذا كَعَعْت عنه؛ لأنَّه إذا كَعَّ تَقَبَّض وانضمّ. فهذا أحد الأصلين، والآخر الإزاء وهو الحِذاء، يقال : آزيت فلاناً أي حاذيتُهُ. فأمّا القيّم الذي يُقال له : الإزاء فمن هذا أيضاً؛ لأنّ القيِّم بالشيء يكون أبداً إزَاءَه يَرقُبُه. وكذلك إزاء الحوض؛ لأنَّه محاذ ما يقابلُه. قال شاعرٌ في الإزاء الذي هو القيّم :
قال أبو العَميثَل : سألني الأصمعيّ عن قول الراجز في وصف حوض :
إِزاؤُه كالظَّرِبَانِ المُوفِي
فقلت : الإزاء مصبّ الدّلو في الحوض. فقال لي : كيف يشبه مصبّ الدّلو بالظَّرِبان؟! فقلت : ما عندك فيه؟ قال لي : إنّما أراد المستَقِيَ، من قولك : فلان إزاءُ مال إذا قام به ووَلِيَه . وشبَّهه بالظَّرِبان لِذَفَرِ رائحته. وإمّا إزاء الحوض فمصبّ الماء فيه، يقال : آزيتُ الحوض إيزاء. قال الهذليّ :
وتقول آزيتُ، إذا صَبَبْتَ على الإزاءِ. قال رؤبة :
نَغْرِفُ من ذِي غَيِّث ونُؤْزِي
وبعضهم يقول : إنّما هو من قولك : أَزَيتُ على صَنيع فلان أي أضْعَفْتُ فإن كان كذا فلأن الضِّعفين كلُّ واحد منهما إزاءَ الآخر. ويقال : ناقة أَزِيَةٌ إذا كانت لا تشرب إلاّ من إزاءِ الحوض.
أسد : الهمزة والسين والدال، يدلّ على قوّة الشَّيء، ولذلك سُمِّي الأسدُ أسداً لقوّته، ومنه اشتقاق كلِّ ما أشبهه، يقال : استأسَدَ النَّبت قَوِيَ. قال الحطيئة :
ويقال : استَأْسَدَ عليه اجْتَرَأ. قال ابن الأعرابيّ : أَسَدْتُ الرَّجُل مثل سَبَعْتُه وأَسْدٌ بسكون السين، الذين يقال لهم الأَزْد، ولعلّه من الباب. وأمّا الإسادَةُ فليست من الباب؛ لأنّ الهمزة منقلبة عن واو. و كذا الأُسْدِي في قول الحطيئة :
أسر : الهمزة والسين والراء أصل واحد، وقياسٌ مطّرد، وهو الحبس، وهو الإمساك. من ذلك الأسير، وكانوا يشدُّونه بالقِدِّ وهو الإسار، فسمّى كلُّ أخيذ وإنْ لم يُؤْسرْ أسيراً. قال الأَعشَى :
أي أنا في بيته، يريد بذلك بلوغه النهاية فيه. والعرب تقول : أسَرَ قَتَبَهُ ؛ أَي شدّه. وقال الله تعالَى : ) وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ( الانسان : 28 يقال : أراد الخَلْق، ويقال : بل أراد مَجرَى ما يخرج من السَّبيلَين. وأُسْرَةُ الرّجُل رَهْطه؛ لأنَّه يتقوَّى بهم. وتقول : أسيرٌ وأَسْرَى في الجمع وأَسارى بالفتح . والأُسْرُ احتباس البَوْل.
أسّ : الهمزة والسين يدلّ على الأصل والشَّيء الوطيد الثابت، فالأُسّ أصل البناء، وجمعه آساس. ويقال للواحد أساس بقصر الألف، والجمع أُسُسٌ. قالوا : الأُسُّ أصل الرجل، والأسُّ وجْه الدهر، ويقولون كان ذلك على أُسّ الدَّهر. قال الكذّاب الحِرْمازيّ :
فأمّا الآس فليس هذا بابه، وقد ذكر في موضعه.
أسف : الهمزة والسين والفاء أصلٌ واحد يدلّ على الفَوت والتلهُّف وما أشبه ذلك. يقال : أسِفَ على الشَّيء يَأْسَفُ أسَفاً مثل تلهف. والأَسِفُ الغضْبان، قال الله تعالَى : ) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً) الأعراف : 150، وقال الأَعشَى :
فيُقال : هو الغضبان. ويقال : إنّ الأَُسافة الأرض التي لا تنبت شيئاً؛ وهذا هو القياس؛ لأنّ النبات قد فاتَها. وكذلك الجمل الأسيف، وهو الذي لا يكاد يَسْمَنُ. وأمّا التابع وتسميتهم إيّاه أسيفاً فليس من الباب، لأنّ الهمزة منقلبةٌ من عين، وقد ذكر في بابه.
أسك : الهمزة والسين والكاف بناؤه في الكتابين وقال أهل اللغة : المأسوكة التي أخطأت خافِضتُها فأصابت غيرَ موضع الخَفْض.
أسل : الهمزة والسين واللام تدلُّ على حِدّة الشَّيء وطولهِ في دقّة. وقال الخليل : الأسَل الرِّماح. قال : وسمِّيت بذلك تشبيهاً لها بأسَل النبات. وكلُّ نبت له شوكٌ طويل فشوكه أَسَلٌ. والأَسَلةُ مستدَقُّ الذِّراع. والأسَلة : مستدَقُّ اللِّسان. قالوا : وكلُّ شيء مُحَدّد فهو مؤسَّل. قال مزاحم :
يباري : يعارض. سديساها : ضرسان في أقصَى الفم، طالا حتّى صارا يعارضان النّابين، وهما الشبا الذي ذَكَر. والإبزيم : الحديدة التي تراها في المِنْطقة دقيقةً تُمسِك المِنْطَقة إذا شُدّت.
أسم : الهمزة والسين والميم كلمةٌ واحدةٌ، وهو أُسامةُ، اسمٌ من أسماء الأسد.
أسن : الهمزة والسين والنون أصلان، أحدهما تغيُّر الشَّيء، والآخر السَّبب. فأ مّا ا لأوّل فيقال : أسَنَ الماء يأسِنُ ويأسُنُ، إذا تغيّر. هذا هو المشهور، وقد يقال : أَسِنَ. قال الله تعالَى : ) مِنْ مَاء غَيْرِ آسِن) محمد : 15 وأسِنَ الرّجُل إذا غُشِيَ عليه مِن ريح البئر. وهاهنا كلمتان مَعْلولتان ليستا بأصل، إحداهما الأُسُن وهو بقيّة الشَّحم، وهذه همزةٌ مبدلة من عَين، إنّما هو عُسُنٌ. والأُخرَى قولهم : تأسَّنَ تأسُناً إذا اعتلّ وأبطأ. وعلّة هذه أنّ أبا زيد قال : إنّما هي تأَسَّرَ تأسُّراً، فهذه علّتها. والأصل الآخر قولهم الآسانُ : الحبال. قال :
واستعير هذا في قولهم : هو على آسان من أبيه؛ أَي طرائق.
أسو : الهمزة والسين والواو أصل واحد يدلّ على المداواة والإصلاح، يقال : أسَوْت الجُرْحَ إذا داويتَه، ولذلك يسمّى الطبيب الآسِي. قال الُحطَيئَة :
أي المُعالجُون. كذا قال الأمويّ . ويقال : أسوت الجرح أسْواً وأساً، إذا داويتَه. قال الأَعشَى :
ويقال : أسَوتُ بين القوم، إذا أصلحتَ بينهم. ومن هذا الباب : لي في فُلان إُسْوَةٌ أي قَُِدوة؛ أَي إنِّي أقتدي به. وأسَّيتُ فلاناً إذا عَزَّيتَهُ، من هذا؛ أَي قلت له : ليكنْ لك بفلان اُسوة فقد أصيب بمثل ما أُصِبتَ به فرضِي وسَلَّم. ومن هذا الباب : آسَيْتُه بنفسي.
أسى : الهمزة والسين والياء كلمةٌ واحدةٌ، وهو الحزن؛ يقال : أسِيتُ على الشَّيء آسَى أَسىً؛ أَي حزنتُ عليه.
أشب : الهمزة والشين والباء يدلّ على اختلاط والتفاف، يقال : عِيصٌ أَشبٌ أي ملتفّ، وجاء فلانٌ في عدد أشِب. وتأشَّب القَومُ اختلطوا. ويقال : أَشَبْتُ فلاناً آشِبُهُ ، إذا لُمْتَه، كأَنَّك لفّقْتَ عليه قبيحاً فَلُمْتَه فيه . قال أبو ذؤيب :
والأَشابة الأخلاط من النَّاس في قوله :
أشر : الهمزة والشين والراء، أصلٌ واحدٌ يدلّ على الحِدّة. من ذلك قولهم : هو أشِرٌ؛ أَي بَطِرٌ مُتَسرِّعٌ ذو حِدّة. ويقال : منه أَشِر يَأْشَر. ومنه قولهم : ناقةٌ مِئْشِيرٌ، مِفعيل من الأَشَر. قال أوس :
ورجل أَشِرٌ وأَشُرٌ. والأُشُر : رقّة وحِدّةٌ في أطراف الأسنان. قال طرفة :
وأشَرت الخشبَة بالمئشار من هذا.
أشّ : الهمزة والشين يدلّ على الحركة لِّلقاء. قال ابن دُريد : أشَّ القوم يَؤُشُّون أشّاً، إذا قام بعضُهم إلَى بعض للشرّ لا للخير. وقال غيره : الأَشاش مثل الهَشَاش . وفي الحديث : « كان إذا رأَى من أصحابه بعضَ الأشاش وعَظَهُم ».
أشف : الهمزة والشين والفاء كلمةٌ ليست بالأصلية فلذلك لم نذكرها. والذي سمع فيه الإشْفَى.
أشا : الهمزة والشين والألف. والأشاء صغار النَّخلِ، الواحدة أشاءَة.
أصد : الهمزة والصاد والدال، شيء يشتمل على الشَّيء يقولون للحظيرة أصيدةٌ؛ سمِّيت بذلك لاشتمالها على ما فيها. ومن ذلك الأُصْدة، وهو قميصٌ صغير يلبسه الصبايا. ويقال : صَبِيَّةٌ ذات مُؤَصَّد. قال :
أصر : الهمزة والصاد والراء، أصلٌ واحدٌ يتفرّع منه أشياءُ متقاربة. فالأصر الحبسُ والعَطف وما في معناهما. وتفسيرُ ذلك أنّ العهد يُقال له : إصْرٌ، والقرابة تسمّى آصِرَةٌ، وكلّ عقد وقرابة وَعهد إِصْرٌ. والبابُ كلُّه واحد. والعرب تقول : « ما تأصِرُوني على فلان آصِرَةٌ »؛ أَي ما تعطفني عليه قرابة. قال الحطيئة :
أي عطفوا عليَّ بغير عهد ولا قرابة. والمأَصِرُ من هذا، لأنَّه شيء يُحْبَس به. فأمّا قولهم إنّ العهد الثّقيل إِصْرٌ فهو من هذا؛ لأنّ العهدَ والقرابةَ لهما إِصْرٌ ينبغي أن يُتَحمَّل. ويقال : أصَرْتُه إذا حبستَه. ومن هذا الباب الإصار، وهو الطُّنُب، وجمعه أُصُرٌ. ويقال : هو وَتِد الطُّنُب. فأمّا قول الأَعشَى :
أصّ : وأمّا الهمزة والصاد فله معنيان، أحدهما أصل الشَّيء ومجتمعه، والأصل الآخر الرِّعدة. قال أهل اللغة : الإصّ الأصل. ويقال للناقة المجتمعة الخلْق أَصُوصٌ. وجمع الإصِّ الذي هو الأصل آصاص. قال :
والأصيص أصل الدنّ يجعل فيه شَراب. قال عديّ :
مَتَى أرَى شَرْباً حَوَالَيْ أصيصْ
فهذا أصل. وأمّا الآخر فقالوا : أفْلَتَ فلانٌ وله أصِيص؛ أَي رِعدةٌ.
أصل : الهمزة والصاد واللام، ثلاثة اُصول متباعد بعضها من بعض، أحدها أساس الشَّيء، والثاني الحَيّة، والثالث ما كان من النّهار بعد العشيّ. فأمّا الأوّل فالأصل أصل الشَّيء، قال الكِسائيّ في قولهم : « لا أصْلَ له ولا فَصل له » : إنّ الأصل الحسب، والفَصْل اللسان. ويقال : مجْدٌ أصيلٌ. وأمّا الأصَلة فالحيّة العظيمة. وفي الحديث في ذكر الدجّال : « كأَنَّ رأسَهُ أصَلَةٌ ». وأمّا الزمان فالأصيل بعد العَشِيّ وجمعه أصُلُ وآصالٌ و يقال أصيلٌ وأصيلَةٌ، والجمع أصائل. قال :
أضّ : وللهمزة والضاد معنيان : الاضطرار والكسر، وهما متقاربان. قال ابن دُريد : أضَّني إلَى كذا وكذا يؤُضُّني أضّاً، إذا اضطرّني إليه. قال رؤبة :
وهي تَرَى ذا حاجة مؤْتَضَّا
أي مضطرّاً. قال : والأضّ أيضاً الكسر، يقال أضه مثل هَضَّه سواء. وحكَى أبو زيد الأَضاضة : الاضطرار. قال :
أضم : الهمزة والضاد والميم أصلٌ واحدٌ وكلمةٌ واحدةٌ، وهو الحقد؛ يقال : أضِمَ عليه، إذا حقَد واغتاظ. قال الجعديّ :
أضا : الهمزة والضاد مع اعتلال ما بعدهما كلمةٌ واحدةٌ، وهي الأضاة، مكان يَسَتنقِع فيه الماءُ كالغدير. قال أبو عُبيد : الأضاة الماء المستنقِع، من سيل أو غيره، وجمعه أضاً، وجمع الأَضا إِضاءٌ ممدود، وهو نادر .
أطر : الهمزة والطاء والراء أصل واحد، وهو عطف الشَّيء على الشَّيء أو إحاطتُه به. قال أهلُ اللَّغة : كلُّ شيء أحاط بشيء فهو إطارٌ. ويقال لما حول الشَّقَة من حَرْفها إطار . ويقال : بنو فلان إطارٌ لبني فلان، إذا حَلُّوا حَولَهم. قال بشر :
ويقال : أطَرْتُ العُودَ، إذا عطفتَه، فهو مَأْطُورٌ. ومنه حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) : « حتَّى تأخذوا على يَدَيِ الظَّالم وتَأْطِرُوه على الحقِّ أَطْراً »؛ أَي تعطفوه. ويقال : أطَرْتُ القوسَ، إذا عطفتَها؛ قال طَرَفة :
ويقال للعَقَبة التي تجمع الفُوق أُطْرَةٌ؛ يقال : منه أَطَرْتُ السَّهم أَطْراً. وسمعت علي بن إبراهيم القطان يقول : سمعت ثعلباً يقول : التأطُّر التمكُّث. وقد شذَّت من الباب كلمةٌ واحدةٌ، وهي الأَطِيرُ، وهو الذّنْب يقال : أخَذَني بأَطِيرِ غيري؛ أَي بذنْبه. وكذلك فسَّرُوا قول عبد الله بن سلمة :
أطّ : وللهمزة والطاء معنىً واحد، وهو صوت الشَّيء إذا حنّ وأَنْقَض، يقال أطَّ الرَّحْل يئط أطيطاً، وذلك إذا كان جديداً فسمعتَ له صريراً. وكلُّ صوت أشبَهَ ذلك فهو أطيط. قال الرّاجز :
يصف إبلاً بطونُها. يَطحَرْن : يتنفَّسْنَ تنفُّساً شديداً كالأنين. والإنَى : وقت الشُّرب عشيّاً. والأَطَّاطة : التي تسمع لها صوتاً. وفي الحديث : « حتَّى يُسمعَ أطيطُه من الزِّحام »، يعني باب الجنَّة. ويقال أطَّتِ الشجرة إذا حنَّت. قال الراجز :
أطل : الهمزة والطاء واللام، أصلٌ واحد وكلمةٌ واحدةٌ، وهو الإِطِلُ والإِطْلُ، وهي الخاصرة؛ وجمعه آطال. وكذلك الأَيْطَل. قال امرؤ القيس :
وذا لا يُقاس عليه.
أطم : الهمزة والطاء والميم، يدلُّ على الحبس والإحاطة بالشيء، يقال للحصْنِ الأُطُم وجمعُهُ آطامٌ، قال امرؤ القيس :
ومن هذا الباب الأطامُ : احتباسُ البطن. والأَطيمة : موقد النّار، والجمع الأطائم. قال الأشعر :
أفد : الهمزة والفاء والدال تدلُّ على دنوّ الشَّيء وقُرْبه. يقال : أَفِدَ الرَّحيل : قَرُب. والأَفِدُ المستَعْجِل. قال النّابغة :
وبعثَت أعرابيّةٌ بنتاً لها إلَى جارتها فقالت : « تقول لكِ أُمِّي : أعطينِي نَفَساً أو نَفَسين أَمْعَسُ به مَنيئَتِي فإنِّي أَفِدَةٌ ».
أفر : الهمزة والفاء والراء يدلُّ على خفّة واختلاط. يقال : أَفَرَ الرَّجُل، إذا خفَّ في الخدمة. والمِئْفَرُ الخادم. والأُفْرة : الاختلاط.
أفّ : وأمّا الهمزة والفاء في المضاعف فمعنيان، أحدهما تكرُّهُ الشَّيء، والآخَر الوقت الحاضر. قال ابن دُريد : أفَّ يؤفُّ أفّاً، إذا تأفَّف من كرب أو ضَجَر، ورجلٌ أفَّافٌ كثير التأفّف. قال الفرّاء : أُفِّ خفضاً بغير نون، وأُفٍّ خفضا مع النون، وذلك أنّه صوت، كما تخفض الأصوات فيقال طاقِ طاقِ. ومن العرب من يقول أفٌّ له . قال : وقد قال بعضُ العرب : لا تقولن له أُفّاً ولا تُفّاً، يجعله كالاسم. قال : والعرب تقول : جعل يتأفَّف من ريح وجَدَها ويتأفَّف من الشدَّة تُلِمَّ به. وقال متمِّم بن نُويرة، حين سأله عُمرُ عن أخيه مالك، فقال : « كان يركب الجَمَل الثَّفَال ، ويقتاد الفرسَ البطيء، ويكتفل الرُّمْح الخَطِل، ويلبس الشَّملة الفَلوت، بين سَطِيحتين نَضُوحين ، في الليل البليل، ويُصَبِّحُ الحيَّ ضاحكاً لا بتأنَّنُ ولا يتأفَّف ». قال الخليل : الأُفُّ والتُّف، أحدهما وسخ الأظفار والآخر وسخ الأُذن. قال :
عليهم اللّعنةُ والتأفيفُ
قال ابنُ الأعرابي : يقال أفّاً له وتُفّاً وأُفّةً له وتُفَّةً. قال ابن الأعرابيّ : الأفَف الضَّجر. ومن هذا القياس اليأفوف الحديدُ القلب .
والمعنَى الآخَر قولهم : جاء على تَئِفّة ذاك وأفَفِه وإفّانه؛ أَي حينه. قال :
على إفِّ هِجران وساعةِ خَلْوة
أفق : الهمزة والفاء والقاف أصل واحد، يدلّ على تباعُد ما بين أطراف الشَّيء واتّساعِه، وعلى بلوغ النهاية. من ذلك الآفاق : النواحي والأطراف؛ وآفاق البيت من بيوت الأعراب : نواحيه دون سَمْكِهِ. وأنشد يصف الخِلال :
ولذلك يقال : أَفَق الرَّجُل، إذا ذهب في الأرض. وأخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسحاق الدِّينوريُّ قراءةً عليه، قال : حدَّثني أبو عبدالله الحسين بن مسبِّح قال : سمِعت أبا حنيفة يقول : للسَّماء آفاقٌ وللأرض آفاق، فأمّا آفاق السماء فما انتهَى إليه البصر منها مع وجه الأرض من جميع نواحيها، وهو الحدُّ بين ما بَطَن من الفَلَك وبين ما ظَهَر من الأرض، قال الراجز :
قبلَ دُنُوِّ الأُفْق من جَوْزائِه
يريد : قبل طلوع الجوزاء؛ لأنّ الطلوع والغروب هما على الأُفق. وقال يصف الشمس :
فهي على الأُفْقِ كَعْينِ الأحولِ
وقال آخر :
واغتيالُه إيّاها تغييبه لها. قال : وأمّا آفاق الأرض فأطرافها من حيث أحاطت بك. قال الراجز :
ويقال للرّجُل إذا كان من أُفُق من الآفاق أُفُقِيٌّ وأَفَقِيٌّ، وكذلك الكوكب إذا كان قريباً مجراه من الأُفق لا يكبِّد السماء ، فهو أُفُقِيٌّ وأَفَقِيٌّ. إلَى هاهنا كلام أبي حنيفة. ويقال : الرّجُل الآفق الذي بلغ النِّهاية في الكرم. وامرأة آفِقَةٌ. قال الأَعشَى :
أبو عمرو : الآفِق : مثل الفائق، يقال : أَفَقَ يأفِق أَفْقاً إذا غَلَب، والأفق الغَلَبة. ويقال : فرس أُفُقٌ على فُعُل؛ أَي رائعة. فأمّا قول الأَعشَى :
فقال الخليل : معناه أنّه يأخذ من الآفاق. قال : واحد الآفاق أُفُق، وهي الناحية من نواحي الأرض. قال ابن السكّيت : رجل أَفَقِيٌّ من أهل الآفاق، جاء على غير قياس. وقد قيل : أُفقيٌّ. قال ابن الأعرابيّ : أَفَقُ الطَّرِيقِ مِنهاجُه؛ يقال : قعدت على أَفَق الطَّريق ونَهْجه. ومن هذا الباب قول ابن الأعرابي : الأَفَقَهُ الخاصرةِ، والجماعة الأَفَق. قال :
يَشْفَى بِهِ صَفْحُ الفَريصِ والاَْفَقْ
ويقال : شَرِبْت حتّى مَلاَت أَفَقَتَيَّ . وقال أبو عمرو وغيره : دلوٌ أفِيقٌ، إذا كانتْ فاضلة على الدِّلاءِ. قال :
ليستْ بِدَلْو بل هِيَ الأَفِيقُ
ولذلك سمِّي الجِلْد بعد الدَّبغ الأفيق، وجمعه أفَقٌ ، ويجوز أُفُقٌ ، فهذا ما في اللُّغة واشتقاقها. وأمّا يوم الأُفاقة فمن أيام العرب، وهو يوم العُظَالى، ويوم أَعْشاش، ويوم مُلَيْحة ـ وأُفَاقَة موضع ـ وكان من حديثه أنّ بسطامَ بنَ قيس أقْبَل في ثلاثمئةِ فارس يتوكَّفُ انحدارَ بني يربوع في الحَزْن، فأوَّلُ مَن طَلَع منهم بنو زُبيْد حَتّى حَلُّوا الحديقةَ بالأُفاقة، وأقبل بِسطامٌ يَرْتَبئ، فرأَى السَّوادَ بحديقة الأُفاقة، ورأَى منهم غلاماً فقال له : من هؤلاء؟ فقال : بنو زُبيد. قال : فأَين بنو عُبيد وبنو أَزْنَمَ؟ قال : بروضة الثَّمَد. قال بسطامٌ لقومه : أطيعُوني واقبِضوا على هذا الحيّ الحَريدِ من زُبيد، فإِنَّ السّلامة إحدَى الغنيمتين. قالوا : انتفَخَ سَحْرك، بل نَتَلَقَّطُ بني زُبيد ثمّ نتلقَّط سائرَهم كما تُتَلقَّط الكَمأَة. قال : إنّي أخشَى أنْ يتلقَّاكُمْ غداً طعْنٌ يُنسيكم الغنيمةَ! وأحسَّتْ فرسٌ لاُِسيدِ بن حِنَّاءَة بالخيل، فبحثت بيدها، فركب أُسَيد وتوجَّه نحوَ بني يربوع، ونادى : يا صاحباه، يآل يربوع! فلم يرتفع الضَّحاءُ حتّى تلاحَقُوا بالغَبيط، وجاء الأُحَيْمِر بنُ عبدالله فرمى بِسطاماً بفرسه الشَّقراء ـ ويزعمون أنّ الأحيمر لم يطعن برمح قطّ إلاّ انكسر، فكان يُقال له : « مكسِّر الرِّماح » ـ فلمّا أَهْوَى ليطعُنَ بِسطاماً انهزم بسطامٌ ومَن معه بعد قتْل من قُتِل منهم، ففي ذلك يقول شاعر :
والمؤتفكات : الرياح التي تختلف مَهابُّها. يقولون : « إذا كثُرت المؤتفكات زَكَتِ الأرض ».
أفل : الهمزة والفاء واللام أصلان : أحدهما الغيبة، والثاني الصِّغار من الإبل. فأمّا الغَيبة فيقال : أفَلت الشّمس غابت، ونجوم أُفَّلٌ. وكلُّ شيء غابَ فهو آفلٌ. قال :
قال الخليل : وإذا استقرّ اللِّقاح في قَرار الرَّحِم فقد أفَل.
والأصل الثاني الأفيل، وهو الفصيل، والجمع الإفَال. قال الفرزدق :
قال الأصمعيّ : الأفيل ابنُ المخاض وابن اللبون، الأُنثَى أفيلة، فإذا ارتفع عن ذلك فليس بأفيل. قال إهاب بن عمير :
ثامنة؛ أَي واردة ثمانية أيّام . مُثُولها : قيامها ماثلة. وفي المثل : « إنّما القَرْمُ من الأَفيل »؛ أَي إنّ بدءَ الكبير من الصَّغير.
أفن : الهمزة والفاء والنون يدلّ على خلوّ الشَّيء وتفريغه قالوا : الأَفَنْ قلّة العقل؛ ورجل مأفونٌ. قال :
ويقال : إنّ الجَوز المأفُونَ هو الذي لا شيء في جوفه. وأصل ذلك كلِّه من قولهم : أَفَنَ الفَصيلُ ما فِي ضرع أُمَّه، إذا شربَه كلَّه. وأَفَنَ الحالبُ النَّاقَةَ، إذا لم يَدَعْ في ضَرْعِها شَيئاً. قال :
وقال بعضهم :أَفَنت النّاقةُ قلّ لبنها فهي أَفِنَةٌ، مقصورة.
أقر : أُقُر : موضَعٌ. قال النابغة :
وليس هذا أصلاً.
أقط : الهمزة والقاف والطاء تدلُّ على الخلط والاختلاط. قالوا : الأَقِطُ من اللَّبن مَخِيضٌ يُطْبَخُ ثمّ يُترَك حتَّى يمْصُل؛ والقطعة أَقِطَةٌ. وأَقَطْتُ القومَ أَقِطْاً أي أطعمتهم ذلك. وطعام مَأْقُوطٌ خُلِط بالأَقِط. قال :
مأقوطة عادت ذباح المدَّبِحْ
والمأقِط : موضع الحرب، وهو المَضِيق؛ لأنّهم يختلطون فيه.
أقن : الهمزة والقاف والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها. الأُقْنة : حفرةٌ تكون في ظهورِ القِفافِ ضيِّقة الرأس، وربّما كانت مَهْوَاةً بين نِيقينِ أو شُنْخُوَبيْن. قال الطرِمّاح :