وهذا الخبر من الموضوعات والمجعولات كسائر مجعولاتهم الّتي يأتي بعضها في عنوانه، مثل موضوعة خطبة عليّ عليه السلام ابنة أبي جهل وغيرها.
قال شيخ الطائفة و عميد الملّة رحمه الله:
فإن قيل: أليس قد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قد خطب بنت أبي جهل بن هشام في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حتّى بلغ ذلك فاطمة عليهاالسلام، فشكته إلى النبيّ صلى الله عليه و آله، فقام على المنبر قائلاً: إنّ عليّاً آذاني بخطب بنت أبي جهل بن هشام ليجمع بينها وبين فاطمة عليهاالسلام، وليس يستقيم الجمع بين بنت ولي اللَّه و بين بنت عدوّاللَّه، أما علمتم معشر الناس! أنّ من آذى فاطمة عليهاالسلام فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللَّه تعالى؟ فما الوجه في ذلك؟
قيل: هذا خبر باطل موضوع غير معروف، ولا ثابت عند أهل النقل، و إنّما ذكره الكرابيسي طاعناً به على أميرالمؤمنين عليه السلام، و معارضاً بذكره لبعض ما تذكره الشيعة من الأخبار في أعدائه.
و هيهات أن يشتبه الحقّ بالباطل، ولو لم يكن في ضعفه إلّا رواية الكرابيسيّ له واعتماده عليه ومن هو في العداوة لأهل البيت والمناصبة لهم والإزراء عليهم والإنكار لفضائلهم ومآثرهم- على ما هو المشهور- لكفى على أنّ هذا الخبر قد تضمّن ما يشهد ببطلانه، ويقتضي على كذبه من حيث ادّعى فيه أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ذمّ هذا الفعل، وخطب بإنكاره على المنابر.
ومعلوم أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام لو كان فعل ذلك- على ما حكي- لما كان فاعلاً لمحظور في الشريعة، لأنّ نكاح الأربع على لسان نبيّنا صلى الله عليه و آله مباح، والمباح لاينكره الرسول صلى الله عليه و آله ويصرّح بذمّه وبأنّه يؤذيه، وقد رفعه اللَّه تعالى عن هذه
المنزلة وأعلاه عن كلّ منقصة ومذمّة.
فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفى صلى الله عليه و آله: 496 و497.