موسوعة المصطفی والعترة

حسین الشاکری

نسخه متنی -صفحه : 35/ 29
نمايش فراداده
الكفار و يجادلون المرده الفجار

[ يجالدون: يضاربون.] ذلك باجماع من المسلمين!! لم أنفرد به وحدى، و لم استبد بما كان الرأى فيه عندى

[ استبد: انفرد بالامر من غير مشارك فيه.]

و هذا حالى و مالى هى لك، و بين يديك، لا تزوى عنك

[ تزوى عنك:تقبض عنك.] ، و لا تدخر دونك أنت سيده أمه أبيك، و الشجره الطيبه لبنيك لا يدفع مالك من فضلك، و لا يوضع فى فرعك و أصلك حكمك نافذ فيما ملكت يداى فهل ترين أن أخالف فى ذلك أباك (صلى الله عليه و آله)

[ الاحتجاج للطبرسى 1/ 141.] ؟

جواب فاطمه الزهراء

فقالت (عليهاالسلام):

«سبحان الله ما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن كتاب الله صادفا، و لا لأ حكامه مخالفا بل كان يتبع أثره و يقفو سوره أفتجمعون الى الغدر اعتلالا عليه بالزور، و هذا بعد وفاته شبيه بما بغى له من الغوائل فى حياته.هذا كتاب الله حكما عدلا، و ناطقا فصلا يقول: (يرثنى و يرث من آل يعقوب).

و يقول: (و ورث سليمان داود).

فبين (عز و جل) فيما وزع عليه من الأقساط، و شرع من الفرائض و الميراث، و أباح من حظ الذاكران و الاناث ما أزاح عله المبطلين، و أزال التظنى و الشبهات فى الغابرين كلا، بل سولت لكم أنفسكم أمرا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون».

جواب أبى بكر

فقال أبوبكر:

صدق الله و صدق رسوله صدقت ابتنه أنت و معدن الحكمه، و موطن الهدى و الرحمه،و ركن الدين و عين الحجه لا أبعد صوابك، و لا أنكر خطابك هؤلاء المسلمون بينى و بينك قلدونى ما تقلدت، و باتفاق منهم أخدت ما أخذت غير مكابر و لا مستبد، و لا مستأثر، و هم بذلك شهود.

و هكذا استطاع أبوبكر من اخماد العواطف، و حرف الرأى العام نحوه، من خلال التضليل و التظاهر بالصلاح.

فاطمه الزهراء توجه الخطاب الى الحاضرين معاتبه لهم

فالتفتت فاطمه (عليهاالسلام) الى الناس و قالت:

«معاشر الناس المسرعه الى قيل الباطل المغضيه

[ المغضيه: الساكته الراضيه.] على الفعل القبيح الخاسر، أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟ كلا، بل ران على قلوبكم ما أساتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم و أبصاركم و لبئس ما تأولتم و ساء ما به أشرتم و شر ما منه اعتضتم

[ اعتضتم: من الاعتياض و هو اخذ العوض.] لتجدن- والله- محلمه ثقيلا، و غبه و بيلا

[ الغب- بكسر لغين-: العاقبه.. الويل: الشديد الثقيل.] اذا كشف لكم الغطاء و بان ما وراءه الضراء، و بدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، و خسر هنالك المطلبون».

و لقد أجاد العلامه المحقق الخطيب السيد القزوينى فى تحليل فصول و كلمات خطبه السيده فاطمه الزهراء (عليهاالسلام)، فى كتابه- فاطمه الزهراء من المهد الى اللحد- فراجع من ص 335 الى ص 480.

رد فعل الخليفه

اضطراب المجلس، و تفرق الناس، و ارتفعت الضجه،و اصبحت خطبه الزهراء (عليهاالسلام) حديث الساعه، فلجأ أبوبكر الى التهديد و الوعيد.

قالوا: لم ير باك و باكيه كان أكثر من ذلك اليوم، ارتجت المدينه و هاج الناس و ارتفعت الأصوات، فلما بلغ ذلك أبابكر قال لعمر: تربت يداك ما كان عليك لو تركتنى، فربما مات الخرق و رتقت الفتق. ألم يكن ذلك بنا أحق.

فقال الرجل: قد كان فى ذلك تضعيف سلطانك، و توهين كافتك، و ما أشفقت الا عليك.

قال: ويلك فكيف بابنه محمد، و قد علم الناس ما تدعو اليه، و ما نحن من الغدر عليه.

فقال: هل هى الا غمزه انجلت، و ساعه انقضت، و كأن ما قد كان لم يكن.

  • ما قد مضى مما مضى كما مضى و ما مضى مما مضى قد انقضى

  • و ما مضى مما مضى قد انقضى و ما مضى مما مضى قد انقضى

أقم الصلاه و آت الزكاه، و أمر بالمعروف، و أنه عن المنكر، و وفر الفى ء وصل القرابه فان الله يقول: (ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكر للذاكرين) ذنب واحد فى حسنات كثيره. قلدنى ما يكون من ذلك.

فضرب بيده على كتف عمر و قال: رب كربه فرجتها يا عمر.

ثم نادى الصلاه جامعه، فاجتمع الناس

[ دلائل الامامه للطبرى 39. .

قال ابن أبى الحديد فى شرحه على نهج البلاغه: لما سمع أبوبكر خطبتها المذكوره و ما وقع بين الناس من الاختلاف و الهمهمه فى سوء تلك المقدمه و خاف أن تنعكس القضيه شق عليه ذلك فصعد المنبر فقال:

أيها الناس! ما هذه الرعه الى كل قاله؟ أين كانت هذه الأمانى فى عهد رسول الله؟ ألا! من سمع فليقل، و من شهد فليتكلم، انما هو ثعاله شهيده ذنبه مرب لكل فتنه هو الذى يقول: كروها جذعه بعد هرمت يستعينون بالضعفه و يستنصرون بالنساء، كأم طحال أحب أهلها اليها البغى ألا انى لو أشاء لقلت، و لو قلت لبحت، انى ساكت ما تركت.

ثم التفت الى الأنصار فقال: يا معشر الأنصار قد بلغنى مقاله سفهائكم و أحق من لزم عهد رسول الله أنتم، فقد جاءكم فآويتم و نصرتم، ألا انى لست باسطا يدا و لسانا على من لم يستحق ذلك منا. ثم نزل.

ثم قال ابن ابى الحديد: قرأت هذا الكلام على النقيب أبى يحيى جعفر ابن يحيى بن أبى زيد الصبرى و قلت له: بمن يعترض؟ فقال بل يصرح. قلت لو صرح لم أسألك. فضحك فقال: لعلى بن أبى طالب!! قلت: هذا الكلام كله لعلى يقوله؟ قال: نعم انه الملك يا بنى. قلت: فما مقاله الأنصار؟ قال: هتفوا بقول على، فخاف من اضطراب الأمر عليهم، فنهاهم فسألته عن غريبه (أى شرح الكلمات) فقال: أما الرعه- بالتخفيف- أى الاستماع و الاصغاء، و القاله: القول. و ثعال: اسم الثعلب، مثل ذؤاله للذئب. و شهيده ذنبه: أى لا شاهد له على ما يدعيه الا بعضه و جزء منه، و أصله مثل: قالوا: ان الثعلب أراده أن يغرى الأسد بالذئب فقال له: انه قد أكل الشاه التى كنت أعددتها لنفسك، و كنت حاضرا. قال: فمن يشهد لك بذلك؟ فرفع ذنبه و عليه دم.

و كان الأسد قد افتقد الشاه، فقبل شهادته، و قتل الذئب. و (مرب): ملازم من ارب بالمكان و (كروها جذعه): أعيدوها الى الحال الأولى يعنى الفتنه و الهرج و (ام طحال) امرأه بغى فى الجاهليه يضرب بها المثل، فيقال: أزنى من ام طحال.

نحن لا نقول شيئا على هذه الكلامات التى استعلها أبوبكر فى آل رسول الله (صلى الله عليه و آله) و عترته الطاهره الذين أذهب الله عنهم الرجس

و طهرهم تطهيرا، و لا نعاتبه على أدبه فى الكلام!، و لكن نقول: قرت عينك- يا رسول الله- فهكذا يقال فى حق ابنتك و عزيزتك و حبيبتك فاطمه الزهراء و هكذا يقال فى حق أخيك أميرالمومنين على بن أبى طالب و كل هذا على منبرك و فى مسجدك و فى جوار مرقدك، قرت عيناك يا أبافاطمه الزهراء و بشراك بل بشريان!! فهذه كرامه أهل بيتك، و عترتك عند أبى بكر و أشباعه! و هذا المنطق صادر ممن يدعى و يزعم انه خليفه الوحى و رسوله.

دفاع ام سلمه:

و فى الدر النظيم للشيخ جمال الدين الشامى قال- بعد خطبه فاطمه (عليهاالسلام) فى المسجد و كلام أبى بكر- فقالت ام سلمه (رضى الله عنها) حين سمعت ما جرى لفاطمه (عليهاالسلام): ألمثل فاطمه بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقال هذا القول؟ هى والله الحوراء بين الانس، و النفس للنفس، ربيت فى حجور الأتقياء، و تناولتها أيدى الملائكه، و نمت فى حجور الطاهزات، و نشأت خيره نشأه، و ربيت خير مربى، أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه و لم يعلمها؟ و قد قال الله تعالى: (و انذر عشيرتك الأقربين) أفأنذرها و خالفت متطلبه؟

و هى خيره النسوان وام ساده الشبان، و عديله مريم، تمت بأبيها رسالات ربه، فوالله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر، و يوسدها يمينه و يلحفها بشماله،رويدا و رسول الله (صلى الله عليه و آله) بمرآى منكم، و على الله تردون واها لكم، فسوف تعلمون.

قال فحرمت عطاءها تلك السنه

[ دلائل الامامه للطبرى 39.]

لقد أتمت السيده فاطمه الحجه على الجميع، و أدت ما عليها من الواجبات، و سجلت آلامها فى سجل التاريخ.

ففي الكافى

[ الكافى 8/ 370 حديث 654، البحار 43/ 195حديث 25.] ] : محمد بن المفضل قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: «جاءت فاطمه (عليهاالسلام) الى ساريه فى المسجد و هى تقول و تخاطب أباها النبى (صلى الله عليه و آله):


  • قد كان بعدك أنباء و هنبثه [ الهنبثه: الأمر الشديد المختلف.]

  • [ الهنبثه: الأمر الشديد المختلف.] [ الهنبثه: الأمر الشديد المختلف.]

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

[ الخطب- بضم الخاء والطاء- جمع خطب- بفتح الخاء- و هى المصائب الشديده.]


  • انا فقدناك فقد الأرض و ابلها [ الوابل: المطر الغزيز الكثير.]

  • [ الوابل: المطر الغزيز الكثير.] [ الوابل: المطر الغزيز الكثير.]


  • و اختل قومك فأشهدهم و قد نكبوا [ نكبوا: عدلوا عن الطريق.]

  • [ نكبوا: عدلوا عن الطريق.] [ نكبوا: عدلوا عن الطريق.]


  • و كل أهل له قربى و منزله عند الاله على الأدنين مقترب

  • عند الاله على الأدنين مقترب عند الاله على الأدنين مقترب


  • أبدت رجال لنا نجوى صدورهم لما مضيت و حالت دونك الترب لما فقدت، و كل الارث مغتصب و كنت بدرا و نورا يستضاء به و كان جبريل بالايات يؤنسنا فليت قبلك كان الموت صادفنا لما مضيت و حالت دونك الكثب

  • [ نجوى- هنا-: الأحقاد.] تجهمتنا رجال و استخف بنا [ مغتصب: مغصوب.] عليك تنزل من ذى العزه الكتب فقد فقدت، فكل الخير محتجب لما مضيت و حالت دونك الكثب لما مضيت و حالت دونك الكثب

[ الكثب- بضم الكاف و الثاء- جمع كثيب و هو الرمل.]

انا رزينا لما لم يرز ذو شجن

[ رزينا: من الرزيه و هى المصيبه. و الشجن: الحزن.]

من البريه لا عجم و لا عرب»

و فى ناسخ التواريخ زياده هذه الأبيات:

  • سيعلم المتولى ظلم حامتنا و سوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت و قد رزينا به محضا خليفته صافى الضرائب و الاعراق و النسب

  • يوم القيمه انى سوف ينقلب له العيون بتهمال له سكب صافى الضرائب و الاعراق و النسب صافى الضرائب و الاعراق و النسب


  • فأنت خير عباد الله كلهم و كان جبريل روح القدس زائرنا ضاقت على بلاد بعدما رحبت وسيم سبطاك خسفا فيه لى نصب

  • و اصدق الناس حين الصدق و الكذب فغاب عنا فكل الخير محتجب وسيم سبطاك خسفا فيه لى نصب وسيم سبطاك خسفا فيه لى نصب

و فى كشف الغمه و غيره: ثم عطفت على قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله) فتمثلت بقول هند بنت أثاثه:

قد كان بعدك..... الخ

و قيل هذه الأبيات لهند بنت أبان بن عبدالمطلب تمثلت بها السيده فاطمه، و على كل فقد ألقت السيده فاطمه نفسها على قبر أبيها و هى تنشد هذه الأبيات.

و فى كشف الغمه: فما رأينا أكثر باك و لا باكيه من ذلك اليوم.

و هذه الابيات بالمناسبه من قصيده الشيخ كاظم الأزرى:

  • تركوا عهد أحمد فى أخيه و هى العروه التى ليس ينجو لم ير الله للرساله أجرا يوم جاءت بيا للمصاب اليهم فدعت و اشتكت الى الله شكوى و الرواسى تهتز من شكواها

  • و أذاقوا البتول ما أشجاها غير مستعصم بحبل و لاها غير حفظ الزهراء فى قرباها و من الوجد ما أطال بكاها و الرواسى تهتز من شكواها و الرواسى تهتز من شكواها

رجوعها الى الدار و كلامها مع زوجها

ثم انكفأت (عليهاالسلام)

[ انكأف: رجعت.] راجعه الى الدار و أميرالمؤمنين (عليه السلام) يتوقع رجوعها الى

[ يتوقع: ينتظر.] و يتطلع طلوعها اليه.

فلما استقرت بها الدار قالت لأميرمؤمنين (عليه السلام):

«يا بن أبى طالب! اشتملت شمله الجنين

[ اشتمل الثوب: اذا أداره على الجسد. و الشمله- بكسر الشين-: هيئه الشمال.. و الشمله- بفتح الشين-: ما يشتمل به، و المقصود هنا: مشيمه الجنين، و هى محل الوالد فى الرحم.] و قعدت حجره الظنين

[ الحجره- بضم الحاء-: البيت. و بضم الحاء و سكون الجيم ثم الراء: هو المكان الذى يحتجز فيه. و الظنين: المتهم.] نقضت قادمه الأجدل

[ نقضت: ضد أبرمت. و القادمه- واحده القوادم- و هى مقاديم ريش الطائر. و الأجدل: الصقر.] فخانك ريش الأعزل

[ خانك: من الخيانه. و فى نسخه: خانك: أى انقض عليك.] هذا ابن أبى قحافه يبتزنى نحله أبى

[ يبتزنى: يسلبنى بالقهر و الغلبه. و النحله- بكسر النون-: العطيه، و النحليه تصغيرها.] ، و بلغه ابنى

[ البلغه: ما يتبلغ به من العيش و يكتفى به.] لقد أجهر فى خصامى

[ أجهر: أعلن بكل وضوح. و فى نسخه: أجده: أى جد و بالغ.] ، و ألفيته الألد فى كلامى

[ ألفيته: وجدته. والألد: شديد الخصومه، و فى نسخه: أجهد فى ظلامتى وألد فى خصامتى.] حتى حبستنى قيله نصرها

[ حبستنى: منعتنى. و قيله: اسم الأوس و الخزرج و و هما قبيلتان من الأنصار.] ، و المهاجره وصلها

[ المهاجره: المهاجرون. وصلها: عونها. أى حبسنى.] ، و غضت الجماعه دونى طرفها فلا دافع و لا مانع خرجت كاظمه، وعدت راغمه

[ كاظمه: متجرعه الغيظ مع الصبر.] أضرعت خدك يوم أضعت

حدك

[ اضرت: أذللت،، و أضعت حدك: أهملت قدرك و فى نسخه: جدك و هو الحظ.] افترست الذئاب و افترشت التراب ما كففت قائلا، و لا أغنيت باطلا

[ ما كففت: ما منعت.] ، و لا خيار لى

[ لا خيار لى: لا أختيار لى.] ليتنى مت قبل هينتى

[ هينتى- بكسر الهاء- مهانتى.] ، و دون ذلتى عذيرى الله منك عاديا و منك حاميا و يلاى فى كل شارق مات العمد و وهن العضد شكواى الى أبى و عدواى الى ربى. اللهم أنت أشد قوه و حولا، و أحد بأسا و تنكيلا».

فقال أميرالمؤمنين (عليه السلام):

«لا ويل عليك الويل لشانئك نهنهى عن وجدك يا بنت الصفوه

[ نهنهى: كفى، وجدك: حزمك.] ، و بقيه النبوه فما و نيت عن دينى

[ و نيت: عجزت.] ، و لا أخطاك مقدورى فان كنت تريدين البلغه فرزقك مضمون

[ البلغه- بضم الباء-: الكافيه.] ، و كيفيلك مأمون، و ما أعد لك خير مما قطع عنك فاحتسبى الله».

فقالت: «حسبى الله». و أمسكت.

اتمام الحجه على المهاجرين و الأنصار

كان الامام أميرالمؤمنين (عليه السلام) يسير على خطه حكميه تتفق مع العقل و المنطق و الدين، و ينتهز الفرص لاحقاق حقه و اثبات مظلوميه و اتمام الحجه على ذلك المجتمع، بل و تسجيلها فى سجل التاريخ، كى يعلم ذلك الشعوب التى جاءت بعد ذلك اليوم و الى يومنا هذا و الى ماشاءالله.

من الصحيح أن نقول: ان الامام عليا (عليه السلام) كان يرى لزاما عليه أن يتم الحجه على الناس، و يبين لهم ان الخلافه من حقه الذى جعله الله و رسوله له، و حتى اذا كان عالما أن الناس لا يتجاوبون معه، و هكذا يبين لهم أن فدكا من حق السيده فاطمه الزهراء فهو (شرعا) خليفه رسول الله (صلى الله عليه و آله) سواء قام بالأمر أم لم يقم و سواء أذعن له الناس أم لم يذعنوا، و سواء خضع له المجتمع أم لم يخضع و هكذا ان فدكا ملك للسيده الزهراء سواء أعطوها حقها أم لا.

و السيده فاطمه الزهراء (عليهاالسلام) لها المكانه المرموقه و الشخصيه المشهوره فى ذلك المجتمع، فلا بأس أن السيده الزهراء تتكلف و تتجشم تأييد زوجها فى اثبات الحق و الحقيقه و المطالبه بحقها، فلا عجب اذا كانت ترافق زوجها العظيم، و ولديها: سيدى شباب أهل الجنه، و تستنجد بالصحابه لئلا يكون للناس على الله بعد ذلك حجه، لئلا يقولوا: كنا غافلين ناسين أو جاهلين. و لماذا ما جاءنا على ليذكرنا، ليخبرنا، ليعرفنا الحق و الحقيقه؟

و لهذا كان على (عليه السلام) يحمل السيده فاطمه الزهراء على أتان

[ الأتان: انثى الحمار.] ، فيدور بها أربعين صباحا على بيوت المهاجرين و الأنصار، و الحسن و الحسين معها، و هى تقول:

«يا معشر المهاجرين و الأنصار. انصروا الله و ابنه نبيكم، و قد بايعتم رسول الله يوم بايعتموه أن تمنعوه و ذريته مما تمنعون منه أنفسكم و ذراريكم.

ففوا لرسول الله ببيعتكم».

فما أعانها أحد، و لا أجابها و لا نصرها.

فانتهت الى معاذ بن جبل فقالت: «يا معاذ بن جبل! انى قد جئتك مستنصره، و قد بايعت رسول الله على أن تنصره و ذريته، و تمنعه مما تمنع منه نفسك و ذريتك، و ان أبابكر قد غصبى على فدك، و أخرج وكيلى منها».

قال: فمعى غيرى؟

قالت: «لا، ما أجابنى أحد».

قال: فأين أبلغ أنا من نصرك؟

خرجت السيده من دار معاذ و هى تقول له: «والله لا أنازعنك الفصيح من رأسى حتى أرد على رسول الله».

و دخل ابن معاذ فقال لأبيه: ما جاء بابنه محمد اليك؟

قال: جاءت تطلب نصرنى على أبى بكر، فانه أخذ منها فدكا.

قال: فما أجبتها؟

قال: قلت: و ما ببلغ من نصرتى أنا وحدى؟

قال: فأبيت أن تنصرها؟

قال: نعم!!

قال: فأى شى ء قالت لك؟

قال: قالت لى: «والله لا أناز عنك الفصيح من رأسى حتى أرد على رسول الله».

فقال: أنا والله لا أناز عنك الفصيح من رأسى حتى أرد على رسول الله.

و ذكر ابن قتيبه الدينورى فى (الامامه و السياسه) ص 19: قال: و خرج على (كرم الله وجهه) يحمل فاطمه بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) على