[ اللمعه البيضاء ص 37- 38.]
و لهذا فان المعصومين (عليهم السلام) يهتمون بهذا الاسم الشريف اهتماما بالغا و يكرمونه اكراما عظيما و اذا سمعوا به يبكون و يتأسفون، و يحبون التى تسمى به، و يحبون بيتا يكون فيه اسم فاطمه.
فقد ورد عن فضاله بن أيوب، عن السكونى قال:
دخلت على أبى عبدالله (عليه السلام) و أنا مغموم مكروب فقال لى: «يا سكونى ما غمك؟».
فقلت: ولدت لى أبنه.
فقال: «يا سكونى، على الأرض ثقلها، و على الله رزقها، تعيش فى غير أجلك، و تأكل من غير رزقك»، فسرى والله عنى.
فقال: «ما سميتها؟».
قلت: فاطمه.
قال: «آه آه آه»، ثم وضع يده على جبهته- الى أن قال-: «أما اذا سميتها فاطمه فلا تسبها و لا تلعنها و لا تضربها».
و عن بشار المكارى قال: دخلت على أبى عبدالله (عليه السلام) بالكوفه و قد قدم له طبق رطب طبرزد
[ نوع من التمر سمى به لشده حلاوته تشبيها بالكسر الطبرزد.] و هو يأكل فقال: «يا بشار أدن فكل».
فقلت: هناك الله و جعلنى فداك، قد أخذتنى الغيره من شى ء رأيته فى طريقى! أوجع قلبى، و بلغ منى....
فقال لى: «بحقى لما دنت فأكلت».
قال: فدنوت فأكلت فقال لى: «حديثك؟».
قلت:: رأيت جلوازا
[ الجلواز: الشرطى الذى يحف فى الذهاب و المجى بين يدى الأمير.] يضرب رأس امرأه و يسوقها الى الحبس، و هى تنادى بأعلى صوتها: المستغاث بالله و رسوله، و لا يغيثها أحد.
قال: «و لم فعل بها ذلك؟».
قال: سمعت الناس يقولون انها عثرت فقالت: (لعن الله ظالميك يا فاطمه)، فارتكب منها ما ارتكب.
قال: فقطع الأكل و لم يزل يبكى حتى ابتل منديله و لحيته و صدره بالدموع، ثم قال: «يا بشار، قم بنا الى مسجد السهله فندعوا الله- عزوجل- و نسأله خلاص هذه المرأه».
قال: و وجه بعض الشيعه الى باب السلطان، و تقدم اليه بأن لا يبرح الى أن يأتيه رسوله، فان حدث بالمرأه حدث صار الينا حيث كنا.
قال: فصرنا الى مسجد السهله، و صلى كل واحد منا ركعتين، ثم رفع الصادق (عليه السلام) يده الى السماء و قال: أنت الله- الى آخر الدعاء-.
قال: فخر ساجدا لا أسمع منه الا النفس، ثم رفع رأسه.
فقال: «قم، فقد اطلقت المرأه».
قال: فخرجنا جميعا فبينما نحن فى بعض الطريق اذ لحق بنا الرجل الذى
و جهناه الى باب السلطان، فقال له (عليه السلام): «ما الخبر؟».
قال: قد اطلق عنها.
قال: «كيف كان اخراجها؟».
قال: لا أدرى، و لكننى كنت واقفا على باب السلطان، اذ خرج حاجب فدعاها و قال لها: ما الذى تكلمت؟ قالت: عثرت فقلت: لعن الله ظالميك يا فاطمه، ففعل بى ما فعل.
قال: فأخرج مائتى درهم و قال: خذى هذه واجعلى الأمير فى حل؛ فأبت أن تأخذها؛فلا رأى ذلك منها دخل، و أعلم صاحبه بذلك، ثم خرج فقال: انصر فى الى بيتك فذهبت الى منزلها.
فقال أبوعبدالله (عليه السلام): «أبت أن تأخذ مائتى درهم؟».
قال: نعم وهى والله محتاجه اليها.
قال: فأخرج من جيبه صره فيها سبعه دنانير و قال: «اذهب أنت بهذه الى منزلها فأقرأها منى السلام و ادفع اليها هذه الدنانير».
قال: فذهبنا جميعا، فأقرأناها منه السلام.
فقالت: بالله أقرأنى جعفر بن محمد السلام؟
فقلت لها: رحمك الله، والله أن جعفر بن محمد أقرأك السلام...
فوقعت مغشى عليها. قال: فصبرنا حتى أفاقت، و قالت: أعدها على، فأعدناها عليها حتى فعلت ثلاثا، ثم قلنا لها: خذى ما أرسل به اليك، و أبشرى بذلك، فأخذته منا و قالت: سلوه يستوهب أمته من الله، فما أعرف أحد توسل به الى الله أكثر منه و من آبائه و أجداده (عليهم السلام).
قال: فرجعنا الى أبى عبدالله (عليه السلام) فجعلنا نحدثه بما كان منها، فجعل يبكى و يدعو لها، ثم قلت: ليت شعرى متى أرى فرج آل محمد (عليهم
السلام)
[ البحار ج 47 ص 379- 381.] ...
و عن سليمان الجعفرى قال: سمعت أباالحسن (عليه السلام) يقول:
«لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد أو أحمد أو على أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبدالله أو فاطمه من النساء»
[ سفينه البحار ج 1 ص 662.]
البتول
قال ابن المنظور فى لسان العرب: سئل أحمد بن يحيى عن فاطمه (رضوان الله عليها) بنت سيدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)، لم قيل لها: البتول؟
فقال: «لا نقطاعها عن نساء أهل زمانها و نساء الامه عفافا و فضلا و دينا و حسبا».
و قيل: لا نقطاعها عن الدنيا الى الله- عز و جل-.
و قيل: تبتيل خلقها انفراد كل شى ء عنها بحسنه لا يتكل بعضه على بعض. قال ابن الأعرابى: المبتله من النساء: الحسنه الخلق، لا يقصر شى ء عن شى ء، لا تكون حسنه العين سمجه الأنف، و لا حسنه الأنف سمجه العين، و لكن تكون تامه.
و قال ابن الأثير فى نهايته: و امرأه بتول: منقطعه عن الرجال لا شهوه لها فيهم، و بها سميت مريم ام المسيح (عليهاالسلام).
سميت فاطمه (البتول) لا نقطاعها عن نساء زمانها فضلا و دينا و حسبا و قيل لا نقطاعها عن الدنيا الى الله تعالى.
و قال الطريحى فى مجمع البحرين: و البتول فاطمه الزهراء بنت رسول الله
(صلى الله عليه و آله) قيل: سميت بذلك لا نقطاعها الى الله و عن نساء زمانها فضلا و حسبا و دينا.
وروى عن النبى (صلى الله عليه و آله): «سميت فاطمه بتولا لأنها و تبتلت و تقطعت عما هو معتاد العورات فى كل شهر، و لأنها ترجع كل ليله بكرا. و سميت مريم بتولا لأنها ولدت عيسى بكرا»
[ احقاق الحق ج 10 ص 25.]
و عنه (صلى الله عليه و آله): «و انما سميت فاطمه (البتول) لأنها تبتلت من الحيض و النفاس»
[ ينابيع الموده ص 260.]
و عن على (عليه السلام) قال: «ان النبى (صلى الله عليه و آله) سئل: ما البتول؟ فانا سمعناك- يا رسول الله- تقول: ان مريم بتول، و فاطمه بتول؟
فقال: البتول التى لن تر حمره قط- أى لم تحض- فان الحيض مكروه فى بنات الأنيا»
[ معانى الخبار ص 64.]
المباركه
عن عبدالله بن سليمان قال: قرأت فى الأنجيل فى وصف النبى (صلى الله عليه و آله): نكاح النساء، ذو النسل القليل، انما نسله من مباركه لها بيت فى الجنه،لا صخب فيه و لا نصب، يكفلها فى آخر الزمان كما كفل زكريا امك، لها فرخان مستشهدان.
و قال ابن المنظور فى لسان العرب: البركه: النماء و الزياده... و عن الزجاج:المبارك: ما يأتى من قبله الخير الكثير.
و هى عليهاالسلام خير كثير و هى الكوثر.
المحدثه
المحدث- بالفتح-: أى ملهم، أو صادق الظن، و هو من القى فى نفسه شى ء على وجه الالهام و المكاشفه من الملأ الأعلى، أو من يجرى الصواب على لسانه بلا قصد، أو تكلمه الملائكه بلا نبوه، أو من اذا رأى رأيا أو ظن ظنا أصاب، كأنه حدث به و القى فى روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له. و هذه منزله جليله من منازل الاولياء
[ فيض القدير ج 4 ص 507.]
عن اسحاق بن جعفر بن محمد بن عيسى بن زيد على قال: سمعت أباعبدالله (عليه السلام) يقول: «انما سميت فاطمه محدثه لأن الملائكه كانت تهبط من السماء فتنايها كما تنادى مريم بنت عمران فتقول:
يا فاطمه ان الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين.
يا فاطمه أقنتى لربك و اسجدى و أركعى مع الراكعين
[ اشاره الى الآيه 42 و 43 من سوره آل عمران.] فتحدثهم و يحدثونها.
فقالت لهم: أليست المفضله على نساء العالمين مريم بنت عمران؟
فقالوا: ان مريم كانت سيده نساء عالمها، و أن الله جعلك سيده نساء عالمك و عالمها، و سيده نساء الأولين و الآخرين»
[ البحار ج 43 ص 78.]
و عن عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن على الأصفهانى، عن ابراهيم بن محمد الثقفى، عن اسماعيل ابن بشار قال: حدثنا على بن جعفر الحضرمى بمصر منذ ثلاثين سنه. قال: حدثنا سليمان. قال: محمد بن أبى بكر
لما قرأ (و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبى)
[ سوره الحج: 52.] ، و لا محدث.
قلت: و هل يحدث الملائكه، الا الأنبياء؟
قال: ان مريم لم تكن نبيه و كانت محدثه، و ام موسى بن عمران كانت محدثه و لم تكن نبيه، و ساره امرأه ابراهيم قد عاينت الملائكه فبشروها باسحاق، و من وراء اسحاق يعقوب، و لم تكن نبيه، و فاطمه بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله)، كانت محدثه و لم تكن نبيه
[ البحار ج 43 ص 79.]
الزهراء
عن أبى هاشم العسكرى قال: سألت صاحب العسكر (عليه السلام): لم سميت فاطمه (الزهراء) فقال: «كان وجهها يزهر لأميرالمؤمنين (عليه السلام) من أول النهار كالشمس الضاحيه، و عند الزوال كالقمر المنير، و عند غروب الشمس كالكوكب الدرى»
[ البحار 43 ص 16.]
عن ابن عماره عن أبيه قال: سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن فاطمه لم سميت (زهراء)؟
فقال: «لأنها كانت اذا قامت غفى محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض»
[ البحار ج 43 ص 12.]
الراضيه
ان فاطمه الزهراء (عليهاالسلام) كانت راضيه بما قدر لها من مراره الدنيا و مشقاتها و مصائبها و نوائبها.
و قال المولى محمد على الأنصارى:
و اطلاق الرضيه لرضاها عن الله و رسوله حين ذهبت الى النبى (صلى الله عليه و آله) فطلبت منه خادمه و قالت: لا اطيق على شدائد أشغال البيت.
فعلمها النبى (صلى الله عليه و آله) تسبيح فاطمه و بشرها بثوابه.
فقالت ثلاثا: رضيت عن الله و رسوله.
فرجعت الى بيتها فقالت: طلبت من أبى خير الدنيا فأعطانى خير الآخره.
أو لرضاها عن الله تعالى فيما أعطاها من القرب و المنزله و طهاره الطينه و غير ذلك من المراتب العاليه فى الدنيا و البرزخ و الآخره من حيث الجاه و المنزله و النعمه و الشرف و الفضيله.
أو لرضاها عنه تعالى فى جعل الشفاعه الكبرى بيدها من الانتقام من قتله ولدها فى الدنيا و الآخره
[ اللمعه البيضاء ص 92.]
و عن جابر بن عبدالله قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله) على فاطمه و هى تطحن بالرحى و عليها كساء من حمله الابل فلما نظر اليها قال:
«يا فاطمه تعجلى فتجرعى مراره الدنيا لنعيم الآخره غدا» فأنزل الله و (لسوف يعطيك ربك فترضى)
[ الدر المنثور ج 8 ص 543 فى سوره الضحى.]
المرضيه
و هى المرضيه لأن جميع أعمالها و أفعالها مرضيه عند الله و عند رسوله (صلى الله عليه و آله)، ف- (رضى الله عنهم و رضوا عنه
[ سوره المائده: 119.] آيه فى شأنها، (ارجعى الى
ربك راضيه مرضيه)
[ سوره الفجر: 28.] حديث عنها (عليهاالسلام).
و قد ذكر فى تزويجها (عليهاالسلام) أنها سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله) خادما...الى أن قال: ثم غزا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ساحل البحر فأصاب سبيا، فقسمه، فأمسك امراتين أحد هما شلبه و الاخرى دخلت فى السن ليست بشبابه، فبعث الى فاطمه، و أخذ بيد المرأه فوضعها بيد فاطمه و قال: يا فاطمه هذه لك و أوصاها بها و قال: فانى رأيتها تصلى و ان جبرئيل نهانى أن أضرب المصلين، و جعل رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوصيها بها. فلما رأت فاطمه (عليهاالسلام) ما يوصيها بها التفتت الى رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قالت: «يا رسول الله، على يوم و عليها يوم».
ففاضت عينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالبكاء و قال: (الله أعلم حيث يجعل رسالته)
[ سوره الانعام: 124.] ، (ذريه بعضها من بعض و الله سميع عليم)
[ سوره آل عمران: 34. عوالم المعارف ج 11 ص 115.] ، و الظاهر انها كانت المومنه فضه والله العالم.
الطاهره
عن أبى جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
«انما سميت فاطمه بنت محمد (صلى الله عليه و آله) (الطاهره) لطهارتها من كل دنس، و طهارتها من كل رفث، و ما رأت قط يوما حمره و لا نفاسا
[ (4)و (5) البحار 43 ص 16،19.]
و عن الصادق (عليه السلام) قال:
«ان الله حرم النساء على على ما دامت فاطمه حيه، لأنها طاهره لا تحيض»
[ البحار 43 ص 19، 16.]
و قال العلامه الأمينى (رحمه الله): ان سد الأبواب الشارعه فى المسجد كان لتطهيره عن الأدناس الظاهريه و المعنويه، فلا يمر به أحد جنبا، و لا يجنب فيه أحد و أما ترك بابه (صلى الله عليه و آله): و باب أميرالمومنين (عليه السلام) فلطهارتهما عن كل رجس و دنس بنص آيه التطهير.
و قوله (صلى الله عليه و آله): «ألا ان مسجدى حرام على كل حائض من النساء و كل جنب من الرجال الا على محمد و أهل بيته: على و فاطمه و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)»
[ سنن البهقى ج 7 ص 65.]
و قوله (صلى الله عليه و آله): «ألا لا يحل هذا المسجد لجنب و لا لحائض الا لرسول الله و على و فاطمه و الحسن و الحسين، ألا قد بينت لكم الأسماء أن لا تضلوا»
[ سنن البيهقى ج 7 ص 65.] ...
فزبده المخض من هذه كلها أن ابقاء ذلك الباب و الأذن لأهله بما أذن الله لرسوله مما خص به مبتن على نزول آيه التطهير النافيه عنهم كل نوع من الرجاسه
[ الغدير ج 3 ص 211.]
الصديقه
الصديقه: فعليه للمبالغه فى و الصدق و التصديق، أى كانت كثيره التصديق لما جاء به أبوها (صلى الله عليه و آله)، و كانت صادقه فى جميع أقوالها، مصدقه أقوالها بأفعالها، و هى معنى العصمه، و لاريب فى عصمتها (صلوات الله عليها) لدخولها فى الذين نزلت فيهم آيه التطهير باجماع الخاصه و العامه، و الروايات المتواتره من الجانبين
[ مرآه العقول ج 5 ص 315.]