من أقوى ما يقال لهم: بعث الأنبياء لتأتيبما أراده الله منها أولا؟ فإن قالوا بماأراد؟ قلنا: أرادوا إيمان الكافر فيكونالله تعالى مريدا لإيمان الكافر وهو خلافقولكم، وإن قالوا: بعثوا ليأتوا بما لايريد، قلنا: هذا كفر وإلا لكان مسيلمةالكذاب أتى بموافق إرادة الله تعالىوخالفها النبي الصادق. ويقال لهم إذاجوزتم أن يفعل الله ما هو قبيح في الشاهدولا يقبح منه لزمكم جواز أن يخبر عن الشئبخلاف ما هو عليه ولا يقبح منه وقد التزمهالعطوي وقال إنه ليس بأعظم من القبائحغيره.
والأشاعرة قالوا إنما لم يقل الكذب لأنهصادق لذاته، ولو كان الكلام فعلا لما قبحمنه ذلك قلنا: قد ألزمناكم أن لا يكونصادقا فبينوا الآن أنه صادق لذاته على أنالكلام المسموع فعل عندكم، فما يؤمنكم أنيكون كذبا(1) و أن الكلام النفساني أخبربخلاف ما أخبر المسموع بأن يكون فيه: الناردار الأبرار والجنة دار الكفار. إلزام آخريقال لهم إذا صح أن يفعل الظلم صح أن يأمربه وكلما تجيبون في المنع من الأمر به قائمفي المنع من فعله.
قالوا: أمر بالصلاة وغيرها ولا يفعل. قلنا:هذا عكس إلزامنا لأنا قلنا إذا صح أن يفعلصح أن يأمر وأنتم قلتم إذا صح أن يأمر صح أنيفعل. إلزام آخر إذا صح أن يفعل القبائحولا يقبح منه صح أن ينصب الأدلة على الباطلولا يقبح منه إذ ليس بأعظم من الاضلال عنالدين وخلق تكذيب النبيين وتجويز ذلك يرفعالثقة بحقية مذهب المسلمين لجواز أن يخرجالمعاجز على يد الكاذبين ويمنع منهاالنبيين الصادقين وناهيك بذلك فسادا فيالدين.
إلزام آخر، إذا جاز أن يخلق التكذيبوالكفر في الضلال، جاز بالأولى أن يبعثالأنبياء يدعون إلى الضلال فيمتنع القطعبدعوى الأنبياء إلى الحق وذلك من أعظمالمحال حيث لم يبق لأحد مجال عن سبيلالوبال.
1 - صادقا.