طفل بین الوراثة و التربیة

محمد تقی الفلسفی

جلد 1 -صفحه : 399/ 113
نمايش فراداده

وأحياناً يقع القضاء الحتمي بواسطة قدراختياري لنا. فمثلاً نجد أن الموت أمر مسلموحتمي على جميع البشر بحكم القضاء الالهي،وهو صريح قوله تعالى: «كل نفس ذائقةالموت». ولكن هذا القضاء الحتمي قد يتمبنحو الموت الطبيعي وانقطاع النشاطالحيوي. كما يمكن أن يتم بإرادة واختيار منقبل شاب يملك من القوة وسلامة البدن ماتجعل باستطاعته أن يعيش سنين طوالاً فيقدمعلى الانتحار.

وهكذا فالشيخ الذي عمر مائة سنة حتى ماتحتف أنفه، والشاب الذي لم يعش أكثر منعشرين سنة حتى انتحر بإرادته واختيارهمتساويان في أنهما ماتا بقضاء الله وقدره،مع فارق واحد وهو أنه في الصورة الأولى كانالقضاء والقدر حتميين غير اختياريين،بينما في الصورة الثانية إستغل الشاب حريةالاختيار بالنسبة إلى القضاء والقدروأنهى بذلك حياته.

وعلى هذا يجب أن لا نستغرب من قول الراويعن الرضا (ع) حيث يقول: «سمعت الرضا عليهالسلام يقول: كان علي بن الحسين (ع) إذاناجى ربه قال: أللهم إني قويت على معاصيكبنعمك» (1) ومعنى هذه الرواية أن الذي يقدمعلى المعصية إنما يستغل نعمة الحريةوالاختيار التي وهبها الله له بالقضاءوالقدر استغلالاً سيئاً، فيصاببالانحراف.

إرادتنا واختيارنا:

لنقطة التي تزل عليها الأقدام ـ غالباً ـهي أن الناس متى سمعوا إسم القضاء والقدرظنوا أنه حتمي وجبري. في حين أن الحق ليسكذلك، فقد يتمثل القضاء والقدر الالهي فياختيار الناس وإرادتهم. وهناك حديث عنالامام علي بن أبي طالب (ع) يؤيد هذاالموضوع بوضوح:

«عن أمير المؤمنين أنه قال لرجل ـ سألهبعد انصرافه من الشام ـ فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن خروجنا إلى الشام أكانبقضاء وقدر ؟ قال عليه

(1) بحار الأنوار للمجلسي ج 3|ص3.