التعريف له بلازمه و خاصته لا التعريف لهبالكنه و الحقيقة حتى ينطبق عليه طردا وعكسا، فالكل يحومون حول معنى واحد مما هوعند العرف من معناه. و لعله عندهم هوالاخبار الجازم بما يقتضي ترتب الحق له أوسقوطه عنه، فإن الأخبار بذلك يسمى عندهمدعوى، و الخبر مدع، كما أن الاخبار بمايعود ضررا عليه عندهم إقرار، و بما لا يكونلا له و لا عليه بل هو مجرد نسبة المحمولإلى الموضوع خبر، و الاخبار بما يكون دعوىمنه لا ينفك عن الطلب الذي هو معناهاللغوي، غير أنه عرفا طلب خاص لا مطلقالطلب الذي قد ينطبق على المنكر أيضا.
(المقام الثاني) في حكم المدعي و المدعىعليه المعبر عنه بالمنكر أيضا، و بيانوظيفة كل واحد منهما، فنقول:
إنه قد استفاض النص و الإجماع على أن:«البينة على المدعي، و اليمين على المدعىعليه» (1) و قيل في وجه اختصاص كل منهما بماعليه من الوظيفتين هو ضعف الدعوىلمخالفتها الأصل أو الظاهر، و قوة الإنكارلموافقته له أو لهما فلم يقنع في الدعوىإلا بالحجة القوية، أعني البينة لبعدها عنالتهمة جبرا لخبره، و اجتزأ في الإنكاربما لا يكون في القوة كالبينة و هو اليميندفعا للتهمة المحتملة فيه، و ان لم تبلغقوة التهمة في المدعي، فاقتضت المناسبةذلك تعديلا للميزان و على كل حال، فمنالمعلوم أن النصوص المفصلة واردة في مقامالبيان بنحو التفصيل لما بين
(1) و منطلق النصوص و الإجماعات هو النبويالمشهور المذكور في عامة كتب الحديث منالفريقين في باب القضاء: «البينة علىالمدعي و اليمين على المدعى عليه».