حدائق الناضرة فی أحکام العترة الطاهرة

یوسف بن أحمد البحرانی

جلد 12 -صفحه : 489/ 249
نمايش فراداده

و تجمع صدقات أهل الحضر و أهل البواديفتجعلهم فيها سواء؟ قال نعم. قال فقد خالفترسول اللَّه صلّى الله عليه وآله في كل ماقلت في سيرته: كان رسول اللَّه صلّى اللهعليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهلالبوادي و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسم بينهم بالسوية و إنما يقسمه علىقدر ما يحضره منهم و ما يرى، و ليس في ذلكشي‏ء موقت موظف، و إنما يصنع ذلك بما يرىعلى قدر ما يحضره منهم. الحديث».

و من الجائز بل هو الأنسب بالمقام والسياق أن المراد بقوله: «ليس في ذلك شي‏ءموقت موظف» إنما هو بالنسبة إلى البسطالذي يدعي الخصم أنه موقت موظف لا يجوزمخالفته كما يدل عليه قوله بعده «و إنمايصنع ذلك بما يرى» من التوفير لبعض على بعضبالمرجحات المتقدمة و تقسيمه على من حضرمن صنف واحد أو صنفين أو نحو ذلك.

و لكن الأصحاب في كتب الاستدلال نقلوا منالخبر هذه العبارة المنقولة في كلامهم وهي بحسب الظاهر موهمة لما يدعونه، إلا أنسياق الخبر كما ذكرناه و قرينة المقامترجح ما اخترناه، و لا أقل من تساويالاحتمالين فيسقط الاستدلال بالخبر منالبين.

و أما حسنة الحلبي فهي و إن أوردها جملة منمتأخري المتأخرين في أدلة هذا القول إلاأن فيه أنك قد عرفت أن أصل المسألة التيوقع الخلاف فيها و جعلوها محلا للنزاعإنما هو الفقير و الدفع إليه من حيث الفقردون غيره من الأصناف كما هو المفروض فيعباراتهم، و مورد هذه الرواية إنما هوالعاملون الساعون في جمع الصدقات.

على أنه لا يخفى أن إجراء هذا الخلافبالدرهم و الأقل و الأكثر بالنسبة إلىعمال الصدقات و المؤلفة و الغارمين والرقاب و نحوهم من ما لا معنى له بالكلية،لأنه من الظاهر المعلوم أن هؤلاء من ما لايقوم بحقوقهم و استحقاقهم الأضعاف مضاعفةمن ما وقع الخلاف فيه كما لا يخفى علىالمنصف.