و به قال ابن عباس و قال الضحاك نزلت في رجل من الأنصار استودع درعا فجحدصاحبها فخونه رجال من أصحاب النبي فغضب لهقومه فقالوا يا نبي الله خون صاحبنا و هومسلم أمين فعذره النبي و كذب عنه و هو يرىأنه بريء مكذوب عليه فأنزل الله فيهالآيات و اختار الطبري هذا الوجه قال لأن الخيانةإنما تكون في الوديعة لا في السرقة.
ثم خاطب الله نبيه فقال «إِنَّاأَنْزَلْنا إِلَيْكَ» يا محمد«الْكِتابَ» يعني القرآن «بِالْحَقِّ»الذي يجب لله على عباده و قيل معناه أنك بهأحق «لِتَحْكُمَ» يا محمد «بَيْنَالنَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ» أي أعلمكالله في كتابه «وَ لا تَكُنْلِلْخائِنِينَ خَصِيماً» نهاه أن يكونلمن خان مسلما أو معاهدا في نفسه أو مالهخصيما يدافع من طاله عنه بحقه الذي خانهفيه و يخاصم ثم قال «وَ اسْتَغْفِرِاللَّهَ» أمره بأن يستغفر الله في مخاصمتهعن الخائن «إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراًرَحِيماً» يصفح عن ذنوب عباده المسلمين ويترك مؤاخذتهم بها و الخطاب و إن توجه إلىالنبي من حيث خاصم عمن رآه على ظاهرالإيمان و العدالة و كان في الباطن بخلافهفالمراد بذلك أمته و إنما ذكر ذلك على وجهالتأديب له في أن لا يبادر بالخصام والدفاع عن خصم إلا بعد أن يتبين وجه الحقفيه جل نبي الله عن جميع المعاصي و القبائحو قيل أنه لم يخاصم عن الخصم و إنما هم بذلكفعاتبه الله عليه.
وجه اتصال الآية بما قبلها أنه لما تقدمذكر المنافقين و الكافرين و الأمربمجانبتهم عقب ذلك بذكر الخائنين و الأمرباجتناب الدفع عنهم و قيل أنه تعالى لمابين الأحكام و الشرائع في السورة عقبهابأن جميع ذلك أنزل بالحق.