مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 3 -صفحه : 408/ 283
نمايش فراداده

و سعيد بن جبير و قتادة و السدي و الربيع وعلى هذا فإن أو ليست للإباحة هنا و إنما هيمرتبة الحكم باختلاف الجناية و قالالشافعي إن أخذ المال جهرا كان للإمامصلبه حيا و لم يقتل قال و يحد كل واحد بقدرفعله فمن وجب عليه القتل و الصلب قتل قبلصلبه كراهية تعذيبه و يصلب ثلاثا ثم ينزلقال أبو عبيد سألت محمد بن الحسن عن قوله«أَوْ يُصَلَّبُوا» فقال هو أن يصلب حياثم يطعن بالرماح حتى يقتل و هو رأي أبيحنيفة فقيل له هذا مثلة قال المثلة يرادبه‏ و قيل معنى أو هاهنا للإباحة و التخيير أيإن شاء الإمام قتل و إن شاء صلب و إن شاءنفى عن الحسن و سعيد بن المسيب و مجاهد و قدروي ذلك عن أبي عبد الله (ع) و قوله «مِنْ خِلافٍ» معناه اليد اليمني والرجل اليسرى «أَوْ يُنْفَوْا مِنَالْأَرْضِ» قيل فيه أقوال و الذي يذهبإليه أصحابنا الإمامية أن ينفي من بلد إلىبلد حتى يتوب و يرجع و به قال ابن عباس والحسن و السدي و سعيد بن جبير و غيرهم وإليه ذهب الشافعي قال أصحابنا و لا يمكن منالدخول إلى بلاد الشرك و يقاتل المشركونعلى تمكينهم من الدخول إلى بلادهم حتىيتوبوا و قيل هو أن ينفى من بلده إلى بلدغيره عن عمر بن عبد العزيز و عن سعيد بنجبير في رواية أخرى و قال أبو حنيفة وأصحابه أن النفي هو الحبس و السجن و احتجوابأن المسجون يكون بمنزلة المخرج من الدنياإذا كان ممنوعا من التصرف محولا بينه و بينأهله مع مقاساته الشدائد في الحبس و أنشدقول بعض المسجونين:


  • خرجنا من الدنيا و نحن من أهلها إذا جاءنا السجان يوما لحاجة عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا

  • فلسنامن الأحياء فيها و لا الموتى‏ عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا

«ذلِكَ» أي فعل ما ذكرناه «لَهُمْخِزْيٌ» أي فضيحة و هوان «فِي الدُّنْياوَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌعَظِيمٌ» زيادة على ذلك و في هذا دلالة علىبطلان قول من ذهب إلى أن إقامة الحدودتكفير للمعاصي لأنه سبحانه بين أن لهم فيالآخرة عذابا عظيما مع أنه أقيمت عليهمالحدود و المعنى أنهم يستحقون العذابالعظيم و ليس في الآية أنه يفعل ذلك بهم لامحالة لأنه يجوز أن يعفو الله عنهم و يتفضلعليهم بإسقاط ما يستحقونه من العذابالأكبر «إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْقَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ» لمابين سبحانه حكم المحارب استثنى من جملتهممن يتوب مما ارتكبه قبل أن يؤخذ و يقدرعليه لأن توبته بعد قيام البينة عليه ووقوعه في يد الإمام لا تنفعه بل يجب إقامةالحد عليه «فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَغَفُورٌ رَحِيمٌ» يقبل توبته و يدخلهالجنة و في هذا الآية حجة على من قال لا تصحالتوبة من معصية مع الإقامة على‏