«فَساداً» مصدر وضع موضع الحال أي يسعونفي الأرض مفسدين و «أَنْ يُقَتَّلُوا» فيموضع رفع بأنه خبر المبتدأ الذي هو جزاء«الَّذِينَ تابُوا» و يحتمل أن يكون فيموضع رفع بالابتداء و خبره «فَاعْلَمُواأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» و يجوز أنيكون في موضع نصب بالاستثناء من قوله«أَنْ يُقَتَّلُوا» إلى ما بعده من الحد.
النزول
اختلف في سبب نزول الآية فقيل نزلت في قومكان بينهم و بين النبي موادعة فنقضواالعهد و أفسدوا في الأرض عن ابن عباس والضحاك و قيل نزلت في أهل الشرك عن الحسن وعكرمة و قيل نزلت في العرينيين لما نزلوا المدينةللإسلام و استوخموها و اصفرت ألوانهمفأمرهم النبي أن يخرجوا إلى إبل الصدقةفيشربوا من ألبانها و أبوالها ففعلوا ذلكفصحوا ثم مالوا إلى الرعاة فقتلوهم واستاقوا الإبل و ارتدوا عن الإسلام فأخذهمالنبي (ص) و قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف وسمل أعينهم عن قتادة و سعيد بن جبير و السدي و قيلنزلت في قطاع الطريق عن أكثر المفسرين وعليه جل الفقهاء.
المعنى
لما قدم تعالى ذكر القتل و حكمه عقبه بذكرقطاع الطريق و الحكم فيهم فقال «إِنَّماجَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ»أي أولياء الله كقوله تعالى «إِنَّالَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ» «وَرَسُولَهُ» أي يحاربون رسوله «وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً» المروي عن أهل البيت (ع) أن المحارب هو كلمن شهر السلاح و أخاف الطريق سواء كان فيالمصر أو خارج المصر فإن اللص المحارب في المصر و خارج المصرسواء و هو مذهب الشافعي و الأوزاعي و مالكو ذهب أبو حنيفة و أصحابه إلى أن المحاربهو قاطع الطريق في غير المصر و هو المرويعن عطا الخراساني و المعنى في قوله إنماجزاؤهم إلا هذا عن الزجاج قال لأن القائلإذا قال جزاؤك دينار فجائز أن يكون معهغيره و إذا قال إنما جزاؤك دينار كانالمعنى ما جزاؤك إلا دينار «أَنْيُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْتُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ» قال أبو جعفر و أبو عبد الله (ع) إنما جزاءالمحارب على قدر استحقاقه فإن قتل فجزاؤهأن يقتل و إن قتل و أخذ المال فجزاؤه أنيقتل و يصلب و إن أخذ المال و لم يقتلفجزاؤه أن تقطع يده و رجله من خلاف و إنأخاف السبيل فقط فإنما عليه النفي لا غير و به قال ابن عباس