الطَّيْرِ بِإِذْنِي» أي و اذكر ذلك أيضاإذ تصور الطين كهيئة الطير الذي تريد أيكخلقته و صورته و سماه خلقا لأنه كان يقدرهو قوله «بِإِذْنِي» أي تفعل ذلك بإذني وأمري «فَتَنْفُخُ فِيها» أي تنفخ فيهاالروح لأن الروح جسم يجوز أن ينفخه المسيحبأمر الله «فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي»و الطير يؤنث و يذكر فمن أنث فعلى الجمع ومن ذكر فعلى اللفظ و واحد الطير طائر فيكونمثل ظاعن و ظعن و راكب و ركب و بين بقوله«فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي» أنه إذانفخ المسيح فيها الروح قلبها الله لحما ودما و يخلق فيها الحياة فصارت طائرا بإذنالله أي بأمره و إرادته لا بفعل المسيح «وَتُبْرِئُ» أي تصحح «الْأَكْمَهَ» الذيولد أعمى «وَ الْأَبْرَصَ» من به برصمستحكم «بِإِذْنِي» أي بأمري و معناه أنكتدعوني حتى أبرئ الأكمه و الأبرص و نسب ذلكإلى المسيح لما كان بدعائه و سؤاله «وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي» أياذكر إذ تدعوني فأحيي الموتى عند دعائك وأخرجهم من القبور حتى يشاهدهم الناس أحياءو نسب ذلك إلى المسيح لما كان بدعائه «وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ»عن قتلك و أذيتك «إِذْ جِئْتَهُمْ» أي حينجئتهم «بِالْبَيِّناتِ» مع كفرهم وعنادهم و يجوز أن يكون تعالى كفهم عنهبألطافه التي لا يقدر عليها غيره و يجوز أنيكون كفهم بالمنع و القهر كما منع من أرادقتل نبينا و معنى جئتهم بالبينات أتيتهمبالحجج و المعجزات «فَقالَ الَّذِينَكَفَرُوا» و جحدوا نبوتك «مِنْهُمْ» أي منبني إسرائيل «إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌمُبِينٌ» يعنون به عيسى و «سِحْرٌمُبِينٌ» يعني به أن ما جاء به سحر ظاهرواضح و ينبغي أن يكون قوله سبحانه في أولالآية «إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَمَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي» يعني أخبربها قومك الذين كذبوا عليك ليكون حجةعليهم لأنهم ادعوا عليه أنه الله ثم عددالنعمة نعمة نعمة على ما بيناه.
وَ إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَىالْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَ اشْهَدْبِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (111)
الوحي إلقاء المعنى إلى النفس على وجهيخفى ثم ينقسم فيكون بإرسال الملك و يكونبمعنى الإلهام قال الشاعر:
أوحى لها القرار فاستقرت أي ألقى إليها و يروى:
" وحي لها القرار" و الفرق بين أوحى و وحي من وجهين (أحدهما)أن أوحى بمعنى جعلها على صفة و وحي بمعنىجعل فيها معنى الصفة لأن أفعل