يدعي إلهية لنفسه و يكفر بنعمتك فجمع بينالتوحيد و العدل ثم تبرأ من قول النصارىفقال «ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مالَيْسَ لِي بِحَقٍّ» أي لا يجوز لي أن أقوللنفسي ما لا يحق لي فأمر الناس بعبادتي وأنا عبد مثلهم و إنما تحق العبادة لكلقدرتك على أصول النعم ثم استشهد اللهتعالى على براءته من ذلك القول فقال «إِنْكُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ» يريدأني لم أقله لأني لو كنت قلته لما خفي عليكلأنك علام الغيوب «تَعْلَمُ ما فِينَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ»أي تعلم غيبي و سري و لا أعلم غيبك و سرك عنابن عباس و إنما ذكر النفس لمزاوجة الكلامو العادة جارية بأن الإنسان يسر في نفسهفصار قوله «ما فِي نَفْسِي» عبارة عنالإخفاء ثم قال «ما فِي نَفْسِكَ» على جهةالمقابلة و إلا فالله منزه عن أن يكون لهنفس أو قلب تحل فيه المعاني و يقوي هذاالتأويل قوله تعالى «إِنَّكَ أَنْتَعَلَّامُ الْغُيُوبِ» لأنه علل علمه بمافي نفس عيسى بأنه علام الغيوب و عيسى ليسكذلك فلذلك لم يعلم ما يختص الله بعلمه ثمقال حكاية عن عيسى في جواب ما قرره تعالىعليه «ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ماأَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَرَبِّي وَ رَبَّكُمْ» أي لم أقل للناس إلاما أمرتني به من الإقرار لك بالعبودية وإنك ربي و ربهم و إلهي و إلههم و أمرتهم أنيعبدوك وحدك و لا يشركوا معك غيرك فيالعبادة «وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً»أي شاهدا «ما دُمْتُ» حيا «فِيهِمْ» بماشاهدته منهم و علمته و بما أبلغتهم منرسالتك التي حملتنيها و أمرتني بأدائهاإليهم «فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي» أيقبضتني إليك و أمتني عن الجبائي و قيلمعناه وفاة الرفع إلى السماء عن الحسن«كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ» أي الحفيظ«عَلَيْهِمْ» عن السدي و قتادة «وَ أَنْتَعَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» أي أنتعالم بجميع الأشياء لا تخفى عليك خافية ولا يغيب عنك شيء قال الجبائي و في هذهالآية دلالة على أنه أمات عيسى و توفاه ثمرفعه إليه لأنه بين أنه كان شهيدا عليهم مادام فيهم فلما توفاه الله كان هو الشهيدعليهم و هذا ضعيف لأن التوفي لا يستفاد منإطلاقه الموت أ لا ترى إلى قوله «اللَّهُيَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهاوَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها»فبين أنه تعالى يتوفى الأنفس التي لم تمت«إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْعِبادُكَ» لا يقدرون على دفع شيء منأنفسهم «وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْفَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُالْحَكِيمُ» في تسليم الأمر لمالكه وتفويض إلى مدبره و تبرؤ من أن يكون إليهشيء من أمور قومه كما يقول الواحد مناإذا تبرأ من تدبير أمر من الأمور و يريدتفويضه إلى غيره هذا الأمر لا مدخل لي فيهفإن شئت فافعله و إن شئت فاتركه مع علمه وقطعه على أن أحد الأمرين لا يكون منه و قيلأن المعنى إن تعذبهم فبإقامتهم على كفرهمو إن تغفر لهم فبتوبة كانت منهم