«مِنْ دُونِ اللَّهِ» من زائدة مؤكدةللمعنى قوله «إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ»المعنى إن أكن الآن قلته فيما مضى و ليسكان فيه على المعنى لأن الشرط و الجزاء لايقعان إلا فيما يستقبل و حرف الجزاء يغيرمعنى المضي إلى الاستقبال لا محالة هذاقول المحققين و قوله «أَنِ اعْبُدُوااللَّهَ» ذكر في محله وجوه (أحدها) النصببدلا مما أمرتني به (و الثاني) أن يكونمجرور الموضع بدلا من الهاء في «بِهِ» (والثالث) أن يكون أن مفسرة لما أمر به بمعنىأي و على هذا فلا موضع لها من الإعراب.
المعنى
ثم عطف سبحانه على ما تقدم من أمر المسيحفقال «وَ إِذْ قالَ اللَّهُ» و المعنى إذيقول الله يوم القيامة لعيسى «يا عِيسَىابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَلِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّيإِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ» هذا و إنخرج مخرج الاستفهام فهو تقريع و تهديد لمنادعى ذلك عليه من النصارى كما جرى في العرفبين الناس أن من ادعى على غيره قولا فيقاللذلك الغير بين يدي المدعي عليه ذلك القولأ أنت قلت هذا القول ليقول لا فيكون ذلكاستعظاما لذلك القول و تكذيبا لقائله وذكر فيه وجه آخر و هو أن يكون تعالى أرادبهذا القول تعريف عيسى أن قوما قد اعتقدوافيه و في أمه أنهما إلهان لأنه يمكن أنيكون عيسى لم يعرف ذلك إلا في تلك الحال عنالبلخي و الأول أصح و قد اعترض على قوله«إِلهَيْنِ» فقيل لا يعلم في النصارى مناتخذ مريم إلها و الجواب عنه من وجوه(أحدها) أنهم لما جعلوا المسيح إلها لزمهمأن يجعلوا والدته أيضا إلها لأن الولديكون من جنس الوالدة فهذا على طريقالإلزام لهم (و الثاني) أنهم لما عظموهماتعظيم الآلهة أطلق اسم الآلهة عليهما كماأطلق اسم الرب على الرهبان و الأحبار فيقوله «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِاللَّهِ» لما عظموهم تعظيم الرب (و الثالث)أنه يحتمل أن يكون فيهم من قال بذلك و يعضدهذا القول ما حكاه الشيخ أبو جعفر عن بعضالنصارى أنه قد كان فيما مضى قوم يقال لهمالمريمية يعتقدون في مريم أنها إله فعلىهذا يكون القول فيه كالقول في الحكاية عناليهود و قولهم عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ«قالَ» يعني عيسى «سُبْحانَكَ» جل جلالك وعظمت و تعاليت عن عطاء و قيل معناه تنزيهالك و براءة مما لا يجوز عليك و قيل تنزيهالك من أن تبعث رسولا