و رسوله و من يقوم مقامه من المعصومينأحسن لا محالة من تأويل بغير حجة و استدلبعضهم بقوله «فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِيشَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» على إن إجماع الأمة حجة بأنقالوا إنما أوجب الله الرد إلى الكتاب والسنة بشرط وجود التنازع فدل على أنه إذالم يوجد التنازع لا يجب الرد و لا يكونكذلك إلا و الإجماع حجة و هذا الاستدلالإنما يصح لو فرض إن في الأمة معصوما حافظاللشرع فأما إذا لم يفرض ذلك فلا يصح لأنتعليق الحكم بشرط أو صفة لا يدل على إن ماعداه بخلافه عند أكثر العلماء فكيفاعتمدوا عليه هاهنا على أن الأمة لا تجمععلى شيء إلا عن كتاب أو سنة و كيف يقالإنها إذا اجتمعت على شيء لا يجب عليهاالرد إلى الكتاب و السنة و قد ردت إليهما.
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِماأُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْقَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُواإِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْيَكْفُرُوا بِهِ وَ يُرِيدُ الشَّيْطانُأَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ماأَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِلَى الرَّسُولِرَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَعَنْكَ صُدُوداً (61)
الطاغوت ذو الطغيان على جهة المبالغة فيالصفة فكل من يعبد من دون الله فهو طاغوت وقد يسمى به الأوثان كما يسمى بأنه رِجْسٌمِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ و يوصف به أيضاكل من طغى بأن حكم بخلاف حكم الله و أصلالضلال الهلاك بالعدول عن الطريق المؤديإلى البغية لأنه ضد الهدى الذي هو الدلالةعلى الطريق المؤدي إلى البغية و له تصرفكثير يرجع جميعه إلى هذه النكتة ذكرناهافي سورة البقرة عند قوله «وَ ما يُضِلُّبِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ» و تعالوا أصلهمن العلو فإذا قلت لغيرك تعال فمعناهارتفع إلي، و صددت الأصل فيه أن لا يتعدىتقول صددت عن فلان أصد بمعنى أعرضت عنه ويجوز صددت فلانا عن فلان بالتعدي لأنهدخله معنى منعته عنه و مثله رجعت أنا ورجعت غيري لأنه دخله معنى رددته.