مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
و أطيعوا الرسول في السنن عن الكلبي والأول أصح لأن طاعة الرسول هي طاعة الله وامتثال أوامره امتثال أوامر الله و أماالمعرفة بأنه رسول الله فهي معرفة برسالتهو لا يتم ذلك إلا بعد معرفة الله و ليستإحداهما هي الأخرى و طاعة الرسول واجبة فيحياته و بعد وفاته لأن اتباع شريعته لازمبعد وفاته لجميع المكلفين و معلوم ضرورةأنه دعا إليها جميع العالمين إلى يومالقيامة كما علم أنه رسول الله إليهمأجمعين و قوله «وَ أُولِي الْأَمْرِمِنْكُمْ» للمفسرين فيه قولان (أحدهما)أنهم الأمراء عن أبي هريرة و ابن عباس فيإحدى الروايتين و ميمون بن مهران و السدي واختاره الجبائي و البلخي و الطبري (والآخر) أنهم العلماء عن جابر بن عبد الله وابن عباس في الرواية الأخرى و مجاهد والحسن و عطا و جماعة و قال بعضهم لأنهمالذين يرجع إليهم في الأحكام و يجب الرجوعإليهم عند التنازع دون الولاة و أماأصحابنا فإنهم رووا عن الباقر و الصادق (ع) أن أولي الأمر همالأئمة من آل محمد أوجب الله طاعتهم بالإطلاق كما أوجبطاعته و طاعة رسوله و لا يجوز أن يوجب اللهطاعة أحد على الإطلاق إلا من ثبتت عصمته وعلم أن باطنه كظاهره و أمن منه الغلط والأمر بالقبيح و ليس ذلك بحاصل في الأمراءو لا العلماء سواهم جل الله عن أن يأمربطاعة من يعصيه أو بالانقياد للمختلفين فيالقول و الفعل لأنه محال أن يطاعالمختلفون كما أنه محال أن يجتمع مااختلفوا فيه و مما يدل على ذلك أيضا أنالله تعالى لم يقرن طاعة أولي الأمر بطاعةرسوله كما قرن طاعة رسول بطاعته إلا وأولوا الأمر فوق الخلق جميعا كما أنالرسول فوق أولي الأمر و فوق سائر الخلق وهذه صفة أئمة الهدى من آل محمد (ص) الذينثبتت إمامتهم و عصمتهم و اتفقت الأمة علىعلو رتبتهم و عدالتهم «فَإِنْتَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُإِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ» معناه فإناختلفتم في شيء من أمور دينكم فردواالتنازع فيه إلى كتاب الله و سنة الرسول وهذا قول مجاهد و قتادة و السدي و نحن نقولالرد إلى الأئمة القائمين مقام الرسول بعدوفاته هو مثل الرد إلى الرسول في حياتهلأنهم الحافظون لشريعته و خلفاؤه في أمتهفجروا مجراه فيه ثم أكد سبحانه ذلك و عظمهبقوله «إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَبِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ» فماأبين هذا و أوضحه «ذلِكَ» إشارة إلى طاعةالله و طاعة رسوله و أولي الأمر و الرد إلىالله و الرسول «خَيْرٌ وَ أَحْسَنُتَأْوِيلًا» أي أحمد عاقبة عن قتادة والسدي و ابن زيد قالوا لأن التأويل من آليؤول إذا رجع و المال المرجع و العاقبة سميتأويلا لأنه مآل الأمر و قيل معناه أحسنجزاء عن مجاهد و قيل خير لكم في الدنيا وأحسن عاقبة في الآخرة و قيل معناه أحسن منتأويلكم أنتم إياه من غير رد إلى أصل منكتاب الله و سنة نبيه عن الزجاج و هوالأقوى لأن الرد إلى الله