صدودا نصب على المصدر على وجه التأكيدللفعل كقوله «وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسىتَكْلِيماً» و المعنى أنه ليس ذلك علىبيان مثل الكلام بل حكمة في الحقيقة و قيلفي معنى تَكْلِيماً أنه كلمه تكليما شريفاعظيما فيمكن تقدير مثل ذلك في الآية أييصدون عنك صدودا عظيما.
النزول
كان بين رجل من اليهود و رجل من المنافقينخصومة فقال اليهودي أحاكم إلى محمد لأنهعلم أنه لا يقبل الرشوة و لا يجور في الحكمفقال المنافق لا بل بيني و بينك كعب بنالأشرف لأنه علم أنه يأخذ الرشوة فنزلتالآية عن أكثر المفسرين.
المعنى
لما أمر الله أولي الأمر بالحكم و العدل وأمر المسلمين بطاعتهم وصل ذلك بذكرالمنافقين الذين لا يرضون بحكم الله ورسوله فقال «أَ لَمْ تَرَ» أي أ لم تعلم وقيل أنه تعجب منه أي أ لم تتعجب من صنيعهؤلاء و قيل أ لم ينته علمك «إِلَى» هؤلاء«الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْآمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ» منالقرآن «وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ» منالتوراة و الإنجيل «يُرِيدُونَ أَنْيَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ» يعنيكعب بن الأشرف عن ابن عباس و مجاهد والربيع و الضحاك و قيل أنه كاهن من جهينةأراد المنافق أن يتحاكم إليه عن الشعبي وقتادة و قيل أراد به ما كانوا يتحاكمون فيهإلى الأوثان بضرب القداح عن الحسن و روى أصحابنا عن السيدين الباقر (ع) والصادق (ع) إن المعني به كل من يتحاكم إليهممن يحكم بغير الحق «وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ»يعني به قوله تعالى «فَمَنْ يَكْفُرْبِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِفَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِالْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها» «وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ» بما زين لهم «أَنْيُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً» عن الحقنسب إضلالهم إلى الشيطان فلو كان الله قدأضلهم بخلق الضلالة فيهم على ما يقولهالمجبرة لنسب إضلالهم إلى نفسه دونالشيطان تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ» أي المنافقين«تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ»في القرآن من الأحكام «وَ إِلَىالرَّسُولِ» في حكمه «رَأَيْتَ» يا محمد«الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَصُدُوداً» أي يعرضون عنك أي عن المصيرإليك إلى غيرك إعراضا.