مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 3 -صفحه : 408/ 99
نمايش فراداده

تصيب المصيبة بما يكتسبه العبد من الذنوبثم اختلف في ذلك فقال أبو علي الجبائي لايكون ذلك إلا عقوبة إلا في التائب و قالأبو هاشم يكون ذلك لطفا و قال القاضي عبدالجبار قد يكون ذلك لطفا و قد يكون جزاء وهو موقوف على الدليل «أُولئِكَ الَّذِينَيَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ» منالشرك و النفاق و الخيانة «فَأَعْرِضْعَنْهُمْ» أي لا تعاقبهم «وَ عِظْهُمْ»بلسانك «وَ قُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْقَوْلًا بَلِيغاً» أي قل لهم إن أظهرتم مافي قلوبكم من النفاق قتلتم فهذا هو القولالبليغ لأنه يبلغ من نفوسهم كل مبلغ عنالحسن و قيل معناه فأعرض عن قبول الاعتذارمنهم و عظهم مع ذلك و خوفهم بمكاره تنزلبهم في أنفسهم إن عادوا لمثل ما فعلوه عنأبي علي الجبائي و في قوله «وَ قُلْ لَهُمْفِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً»دلالة على فضل البلاغة و حث على اعتمادهابأوضح بيان لكونها أحد أقسام الحكمة لمافيها من بلوغ المعنى الذي يحتاج إلىالتفسير باللفظ الوجيز مع حسن الترتيب.

سورة النساء (4): آية 64

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّلِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ لَوْأَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْجاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُلَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً(64)

الإعراب

ما في قوله «وَ ما أَرْسَلْنا» نافيةفلذلك قال «مِنْ رَسُولٍ» لأن من لا تزادفي الإيجاب و زيادتها تؤذن باستغراقالكلام كقولك ما جاءني من أحد و لو موضوعةللفعل لما فيها من معنى الجزاء تقول لو كانكذا لكان كذا و لا تأتي بعدها إلا أن خاصة وإنما أجيز في أن خاصة أن تقع بعدها لأنهاكالفعل في إفادة التأكيد فموضع أن بعد لومع اسمها و خبرها رفع بكونه فاعل الفعلالمضمر بعد لو و تقديره لو وقع أنهم جاءوكوقت ظلمهم أنفسهم أي لو وقع مجيئهم.

المعنى

ثم لامهم سبحانه على ردهم أمره و ذكر أنغرضه من البعثة الطاعة فقال «وَ ماأَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ» أي لم نرسلرسولا من رسلنا «إِلَّا لِيُطاعَ» عني بهأن الغرض من الإرسال أن يطاع الرسول ويمتثل بما يأمر به و إنما اقتضى ذكر طاعةالرسول هنا أن هؤلاء المنافقين الذينيتحاكمون إلى الطاغوت زعموا أنهم يؤمنونبه و أعرضوا عن طاعته فبين الله أنه لميرسل رسولا إلا ليطاع و قوله «بِإِذْنِاللَّهِ» أي بأمر الله الذي دل به علىوجوب‏