يثيبه الله لا محالة و ذكر سبحانه الرحمةمع صرف العذاب لئلا يتوهم أنه ليس له إلاصرف العذاب عنه فقط «وَ ذلِكَ الْفَوْزُ»أي الظفر بالبغية «الْمُبِينُ» الظاهرالبين و يحتمل أن يكون معنى الآية أنه لايصرف العذاب عن أحد إلا برحمة الله كما
روي أن النبي (ص) قال و الذي نفسي بيده مامن الناس أحد يدخل الجنة بعمله قالوا و لاأنت يا رسول الله قال و لا أنا إلا أنيتغمدني الله برحمة منه و فضل و وضع يدهعلى فوق رأسه و طول بها صوته رواه الحسن فيتفسيره.
وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاكاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَ إِنْيَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّشَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَ هُوَ الْقاهِرُفَوْقَ عِبادِهِ وَ هُوَ الْحَكِيمُالْخَبِيرُ (18)
ثم بين سبحانه أنه لا يملك النفع و الضرإلا هو فقال «وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُبِضُرٍّ» أي إن يمسك بفقر أو مرض أو مكروه«فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ» أي لامزيل و لا مفرج له عنك إلا هو و لا يملككشفه سواه مما يعبده المشركون «وَ إِنْيَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ» أي و إن يصبك بغنىأو سعة في الرزق أو صحة في البدن أو شيءمن محاب الدنيا «فَهُوَ عَلى كُلِّشَيْءٍ» من الخير و الضر «قَدِيرٌ» و لايقدر أحد على دفع ما يريده لعباده من مكروهأو محبوب فإن قيل إن المس من صفات الأجسامفكيف قال «إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ» قلناالباء للتعدية و المراد أن أمسك الله ضراأي جعل الضر يمسك فالفعل للضر و إن كان فيالظاهر قد أسند إلى اسم الله تعالى و الضراسم جامع لكل ما يتضرر به من المكاره كماأن الخير اسم جامع لكل ما ينتفع به «وَهُوَ الْقاهِرُ» و معناه القادر على أنيقهر غيره «فَوْقَ عِبادِهِ» معنى فوقهاهنا قهره و استعلاؤه عليهم فهم تحتتسخيره و تذليله بما علاهم به من الاقتدارالذي لا ينفك منه أحد و مثله قوله تعالىيَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ يريدأنه أقوى منهم «وَ هُوَ الْحَكِيمُالْخَبِيرُ» معناه أنه مع قدرته عليهم لايفعل إلا ما تقتضيه الحكمة و الخبيرالعالم بالشيء و تأويله أنه العالم بمايصح أن يخبر به و الخبر علمك بالشيء تقوللي به خبر أي علم و أصله من الخبر لأنه طريقمن طرق العلم فإذا كان القاهر على ماذكرناه بمعنى القادر صح وصفه سبحانه فيمالم يزل بأنه قاهر و قال بعضهم لا يسمىقاهرا إلا بعد أن يقهر غيره فعلى هذا