مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 4 -صفحه : 438/ 153
نمايش فراداده

سورة الأنعام (6): آية 140

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواأَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُافْتِراءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (140)

القراءة‏‏

قرأ ابن كثير و ابن عامر قتلوا بتشديدالتاء و الباقون بالتخفيف.

الحجة‏‏

التشديد للتكثير و التخفيف يدل على القلةو الكثرة و قد تقدم بيان ذلك.

الإعراب‏‏

قوله «سَفَهاً» و «افْتِراءً عَلَىاللَّهِ» نصب على الوجهين اللذينذكرناهما في قوله افْتِراءً عَلَيْهِ.

المعنى‏‏

ثم جمع سبحانه بين الفريقين الذين قتلواأولادهم و الذين حرموا الحلال فقال «قَدْخَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواأَوْلادَهُمْ» خوفا من الفقر و هربا منالعار و معناه هلكت نفوسهم باستحقاقهم علىذلك عقاب الأبد و الخسران هلاك رأس المال«سَفَهاً» أي جهلا و تقديره سفهوا بمافعلوه سفها و الفرق بين السفه و النزق أنالسفه عجلة يدعو إليها الهوى و النزق عجلةمن جهة حدة الطبع و الغيظ «بِغَيْرِعِلْمٍ» و هذا تأكيد لجهلهم و ذهابهم عنالثواب «وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُاللَّهُ» يعني الأنعام و الحرث الذينزعموا أنها حجر عن الحسن و اعترض علي بنعيسى على هذا فقال الأنعام كانت محرمة حتىورد السمع فما قاله غير صحيح و هذاالاعتراض يفسد من حيث إن الركوب لا يحتاجإلى السمع و إن احتاج الذبح إليه لأنالركوب مباح إذا قام بمصالحها و لأن أكلهاأيضا بعد الذبح مباح «افْتِراءً» أي كذبا«عَلَى اللَّهِ» سبحانه «قَدْ ضَلُّوا»أي ذهبوا عن طريق الحق بما فعلوه و حكموابحكم الشياطين فيما حكموا فيه «وَ ماكانُوا مُهْتَدِينَ» إلى شي‏ء من الدين والخير و الرشاد و في هذه الآيات دلالات علىبطلان مذهب المجبرة لأنه سبحانه أضافالقتل و الافتراء و التحريم إليهم و نزهنفسه عن ذلك و ذمهم على قتل الأطفال بغيرجرم فكيف يعاقبهم سبحانه عقاب الأبد علىغير جرم.