كفروا مصممين على الكفر فهم لا يؤمنون وإنما حسن عطف جملة اسمية على جملة فعليةلما فيها من التأدية إلى معنى الحال و ذلكأن صبابتهم في الكفر و إصرارهم عليه أدىإلى الحال في أنهم لا يؤمنون و قوله «ثُمَّيَنْقُضُونَ» عطف المستقبل على الماضيلأن الغرض أن من شأنهم نقض العهد بعد مرةفي مستقبل أوقاتهم بعد العهد إليهم.
ثم ذم سبحانه الكفار فقال «إِنَّ شَرَّالدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ» أي شر من يدبعلى وجه الأرض في معلوم الله أو في حكمالله «الَّذِينَ كَفَرُوا» و استمروا علىكفرهم «فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ» هذا إخبارعن قوم من المشركين أنهم لا يؤمنون أبدافخرج المخبر على وفق الخبر فماتوا مشركينثم وصفهم الله فقال «الَّذِينَ عاهَدْتَمِنْهُمْ» أي من جملتهم و الضمير العائدإلى الذين محذوف أي الذين عاهدت منهم أي منالمشركين و قيل إن من مزيدة و إنما دخلتلأن معنى عاهدتم أخذت العهد منهم و كما قالرَدِفَ لَكُمْ لأن معنى ردف قرب فعومل بمايعامل به و قيل معناه عاهدت معهم قال مجاهدأراد به يهود بني قريظة فإنهم كانوا قدعاهدوا النبي (ص) على أن لا يضروا به و لايمالئوا عليه عدوا ثم مالئوا عليه الأحزابيوم الخندق و أعانوهم عليه بالسلاح وعاهدوا مرة بعد أخرى فنقضوا فانتقم اللهمنهم «ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِيكُلِّ مَرَّةٍ» أي كلما عاهدتهم نقضواالعهد و لم يفوا به «وَ هُمْ لايَتَّقُونَ» نقض العهد و قيل لا يتقونعذاب الله تعالى.
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِفَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْلَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَ إِمَّاتَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةًفَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ(58)
الثقف الظفر و الإدراك بسرعة و التشريدالتفريق على اضطراب و الخيانة نقض العهدفيما اوتمن عليه و النبذ إلقاء الخبر إلىمن لا يعلمه و السواء العدل قال الراجز:
أي إلى العدل و منه قيل للوسط سواءلاعتداله إلى الجهات قال حسان: