مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 5 -صفحه : 415/ 137
نمايش فراداده

و ضوءا مثل عاذ يعوذ عياذا و عوذا و قاميقوم قياما و على أي الوجهين كان فالمضافمحذوف و تقديره جعل الشمس ذات ضياء و القمرذا نور و يكون جعل النور و الضياء لكثرةذلك فيهما و الاختلاف ذهاب كل واحد منالشيئين في غير جهة الآخر فاختلاف الليل والنهار ذهاب أحدهما في جهة الضياء و الآخرفي جهة الظلام و الليل عبارة عن وقت غروبالشمس إلي طلوع الفجر الثاني و ليل و ليلةمثل تمر و تمرة و النهار عبارة عن اتساعالضياء من طلوع الفجر الثاني إلي غروبالشمس و النهار و اليوم بمعنى واحد إلا أنفي النهار فائدة اتساع الضياء.

المعنى‏‏‏‏

ثم زاد سبحانه في الاحتجاج للتوحيد فقال«هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً»بالنهار «وَ الْقَمَرَ نُوراً» بالليل والضياء أبلغ في كشف الظلمات من النور و فيهصفة زائدة على النور «وَ قَدَّرَهُمَنازِلَ» أي و قدر القمر منازل معلومة«لِتَعْلَمُوا» به و بمنازله «عَدَدَالسِّنِينَ وَ الْحِسابَ» و أول الشهر وآخره و انقضاء كل سنة و كميتها و جعل الشمسو القمر آيتين من آيات الله تعالى و فيهماأعظم الدلالات على وحدانيته تعالى من وجوهكثيرة منها خلقها و خلق الضياء و النورفيهما و دورانهما و قربهما و بعدهما ومشارقهما و مغاربهما و كسوفهما و في بثالشمس الشعاع في العالم و تأثيرها في الحرو البرد و إخراج النبات و طبخ الثمار و فيتمام القمر وسط الشهر و نقصانه في الطرفينليتميز أول الشهر و آخره من الوسط كل واحدمن ذلك نعمة عظيمة من الله سبحانه على خلقهو لذلك قال «ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَإِلَّا بِالْحَقِّ» لأن في ذلك منافعللخلق في دينهم و دنياهم و دلائل علىوحدانية الله و قدرته و كونه عالما لم يزلو لا يزال «يُفَصِّلُ الْآياتِ» أي يشرحهاو يبينها آية آية «لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»فيعطون كل آية حظها من التأمل و التدبر وقيل إن المعنى في قوله «وَ قَدَّرَهُمَنازِلَ» التثنية أي قدر الشمس و القمرمنازل غير أنه وحده للإيجاز اكتفاءبالمعلوم كما مر ذكر أمثاله فيما تقدم وكما في قول الشاعر:


  • رماني بأمر كنت منه و والدي بريئا و منجول الطوي رماني‏

  • بريئا و منجول الطوي رماني‏ بريئا و منجول الطوي رماني‏

فإن الشمس تقطع المنازل في كل سنة و القمريقطعها في كل شهر فإنما يتم الحساب و تعلمالشهور و السنون و الشتاء و الصيفبمقاديرهما و مجاريهما في تداويرهما«إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِيالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» أي فعله فيهماعلى ما يقتضيه الحكمة في السماوات منالأفلاك و الكواكب السيارة و غير السيارةو في الأرض من الحيوان و النبات و الجماد وأنواع الأرزاق و النعم «لَآياتٍ» أي حججاو دلالات على وحدانية الله‏